يصر البعض على أن يكون ضمن نطاق العبودية الذي أحدثته النهضة الصناعية في العشرينات من القرن الماضي , فتجد أن أكثر الناس يخطط على أن يكون مسار حياته موظف عند الآخرين , و لأجل أن ينال هذه الوظيفة يحاول تعزيز جهوده للحصول على شهادات علمية و مهارات و خبرة عملية لكي يقبل به الآخرين .

ثم يتطور الأمر فتجده يبحث عن دورات خاصة في كتابة " السيرة الذاتية " لكي يستطيع عرض نفسه للآخرين بشكل جيد , أو بمعنى أكثر دقة أن يكون عبد مميز لكي يقبلوا به .

و تستمر حياته لسنوات و هو يتلقى الأوامر مقابل حفنة من المال محددة القيمة نهاية كل شهر .

في الستينات الميلادية من القرن الماضي اتفقت الدول في مدينة جنيف على إلغاء " سوق الرق " أو العبودية بأن يصبح الإنسان عبد عند الآخرين , و رغم أن هذا الإقرار حصل إلا أنه تحول لرق في سوق العمل , فأصبح الناس عبيد عند الآخرين يعملون لهم مقابل مبلغ مالي و كل ما عليهم تنفيذ الأوامر .

لماذا لا تكون أنت من يعطي الآخرين المال ؟

لماذا لا تكون أنت من يشتري العبيد ؟

لماذا تصر على الحصول على درجات عالية في المدرسة أو الجامعة ؟ ما هدفك من ذلك ؟ تريد تكون عبد مميز ؟

لماذا لا زلت تصر على أن تكون عبداً مطيعاً مميزاً ؟

انتهى .


الكلام السابق ليس صحيحاً و إنما فهلوة و سرد إنشائي يؤدي بصاحبه للهلاك .

بحكم أنني مدون و لدي مدونة كنت أبحث عن مواضيع و عناوين يتفاعل معها الناس , في بداية رحلتي كنت متحمس لريادة الأعمال و التجارة , فكانت أذني تطرب حين اسمع شخص يخبرني عن طريقة جمع الثروة , أحب أن استمع للأغنياء و قصصهم و أخبارهم على آمل أن أصبح واحداً منهم , فكنت عادةً اكتب ضمن إطار هذه العناوين :

العنوان الأول : كيف تصبح تاجر ؟

العنوان الثاني : كيف تعزز مسارك المهني لتحصل على راتب أعلى ؟

العنوان الأول كان يجلب آلاف القراء و تفاعل كبير , بينما العنوان الثاني العدد ضعيف لدرجة محبطة جداً جداً .

كلاً منا يريد أن يصبح تاجر فالأموال تفتح أمامنا خيارات كثيرة في هذه الحياة , لكن الأمنيات شيء و الواقع شيء آخر , لذلك يجب إعادة النظر في بعض الأمور لأجل التعامل معها بطريقة جيدة .

المشكلة و الكارثة أن تكون مؤمن تماماً بما جاء في النص الأول من هذا الموضوع و أنك ترى أن الوظيفة عبودية و أن المفترض أن تكون تاجراً حراً لا تخضع لأحد أبداً >> فإذا تأثرت بهذه الموجة فراجع نفسك قبل " خراب مالطا "

أنا كنت من ضحايا العنوان الأول , و تمنيت لو تعلمت أن هذا الشيء خطأ لكي لا تجذبني مثل هذه العناوين و أركز على المواضيع التي تتحدث عن العنوان الثاني !

في بداية حياة الشاب و تحديداً بعد سن الـ 18 تبدأ رحلة البحث عن مصدر دخل لكي يكون الشاب حياته في الزواج و البيت و عمارة الأرض .

الشاب المغشوش بسم الخرافات و الأحلام الفنتازية سوف يضيع وقته في محاول الدخول للتجارة لأجل صناعة ثروة لأجل أن يوظف الآخرين و يصبح تاجر العبيد > لكن للآسف الغالب هو أنك لن تنجح , لماذا ؟ لأنك لا تملك مقومات النجاح , فعقلك المغشوش يظن أنك قادر لكن الواقع يفرض نفسه و تصبح من جملة الفاشلين للدخول بالتجارة .

لكي تصبح تاجراً يجب أن تملك مقومات النجاح , ما هي المقومات ؟ المال - الخبرة - الجهد .

قبل الدخول في معترك التجارة يجب أن يكون لك مسار مهني في مجال معين , بحيث تكون موظف و تعتاد على أجواء العمل و كيف تعمل الشركات من الداخل في استقطاب الأموال و إدارة الأعمال , بعد ذلك تستطيع الأسقلال بعملك الخاص , بهذا تكون تعلمت بشكل مجاني و اخطائك تحملها الآخرين و ليس أنت , هذه الأخطاء ربما جعلتك جثة هامدة مثقلة بالديون و الأمراض و الضغوط المعنوية .

عندما تكون موظف مميز فأنت قادر على افتتاح بزنس ناجح , بينما لو قررت البداية من العدم دون أن تمتلك مقومات النجاح فحتماً سوف تموت !

أن تصبح تاجراً فهذا استثناء , فنسبة الأغنياء بالنسبة لمتوسطي الدخل كبيرة جداً , لهذا لا تصنف نفسك بأنك من الفئة المستثناة لأن هذا غباء و سذاجة و تخدع نفسك بذلك .

نعم يحق لك أن تصبح تاجر لكن يجب أن تعرف الطرق الصحيحة .

من خبرتي أقول :

1- أفضل طريقة هي أن تقوم بتعزيز مسارك المهني , أن تكون في مهنة و تحاول التميز فيها و تبني حياتك الخاصة

2- بعد ذلك تبحث عن مدخول نهاية الأسبوع , في عطلة نهاية الأسبوع تحاول الحصول على مصادر مالية تزيد من دخلك .

3- بعدها تبدأ مشروع جانبي , و لو دخلت في شراكة كان أفضل

4- إذا نجح مشروعك , تستطيع تقديم إجازة بدون راتب و تركز على مشروعك , و هنا تستطيع أن تسمي نفسك تاجر عبيد أو مالك شركة أو أي شيء , لا يهم !

البعض يعمل الآن من خلال منصات العمل الحر مثل موقع مستقل و خمسات , و يشكتي جداً من الحصول على عملاء , و هو لا يعلم أن فشله بالحصول على عملاء يعود لفشله و قلة خبرته في مجال المبيعات , يقول روبرت كيوساكي : إذا فشلت في التسويق لمنتجك أو خدمتك فأنت تحتاج أن تتعلم فن المبيعات .

الشركات مثلاً , تقوم بتوظفيك و تعطيك راتب ثابت و لنقل 500 دولار, و تهدف من ذلك الحصول على مبيعات تقدر بـ 100 ألف دولار , تقوم الشركة بتسديد الرواتب + حساب التكاليف التشغيلية + حساب صافي الربح = ربما تخرج الشركة بربح 20 ألف دولار فقط من هذه الـ 100 ألف .

الشركات تنجح في ذلك ؛ لأنها تملك نموذج عمل أثبت نجاحه + علاقات مميزة + رأس مال + خبرة عملية . ( راجح منهية اللين )

أخيراً ,

حدد وجهتك جيداً قبل أن تكون ضحية لأي أفكار خاطئة .

محدثكم / شاب منهزم من معركة يقدم المواعظ لشبان القرية

ماذا عنك ؟