في حالة سفر جميع الأهل مثلا..
كيف كان يتم غلق الابواب من الخارج في الماضي قبل اختراع المفاتيح والاقفال؟
سأخبرك بشيء قد تستغربه. والدي وجدي عاصرا هذه الفترة!
كان يوجد فيها أقفال ومفاتيح وكل شيء، ولكن في المدينة التي ولد فيها (وفيها عمارات قد تصل إلى خمس طوابق)، كانت جميع البيوت يمكن سرقتها إذا توفرت النية والقدرة لدى أحدهم!
كان النظام المعمول به غريباً للغاية بالنسبة لمنظورنا اليوم، فقد كانت هناك مفاتيح حديدة أو خشبية كبيرة توضع داخل فتحة من الخارج، وعندما يأتي ساكن البيت يدخل يده في الفتحة ويخرج المفتاح ويفتح به الباب ثم يدخل!
قد تقول أي شخص يمكنه فعل ذلك! .. من الناحية النظرية هذا صحيح، لكن لا أحد يفعلها في العادة إلا السارق، وهذا لا يجرؤ على القيام بفعلته في الظروف العادية لعدة أسباب:
1) أن البيوت غالبا لا تخلو من أشخاص من أهلها، وبالتالي من السهل عليهم اكتشاف الداخل الغريب وتلقينه درسا لن ينساه!
2) عقوبة السرقة في ذلك المجتمع كانت حسب الشريعة تماما! وبالتالي السارق سيفكر ألف إن لم يكن مليون مرة قبل أن يتجرأ على التفكير بارتكاب حماقة من هذا النوع.
إذن ما فائدة مثل هذه المفاتيح؟ .. غالبا معنى هذا أنهم الغرض الأساسي من الإغلاق بتلك الطريقة البسيطة هو تجنب إزعاج الصبيان المشاغبين والذين طولهم لا يسمح لهم بالوصول إلى تلك الفتحة، بالإضافة إلى الحيوانات!
بالمناسبة، جدي عاصر ثلاثة حكام في تلك البلد وكان يعيش في عاصمتها والحاكم الواحد كان يمكث فترة طويلة قد تزيد عن عشرين سنة، وهو يعرف الغالبية من سكان المدينة إن لم يكن بالإسم فبالشكل لصغرها وقلة عددهم (معظم الرجال مثلاً كان يسعهم الجامع الكبير في المدينة وساحته الخلفية!).
ويقول جدي أنه لم ير أي شخص أقيم عليه حد السرقة إلا شخصا واحد طيلة الستين سنة الأولى من حياته (قبل تحول البلاد إلى دولة لا تحكم بالشريعة)، وكان ذلك الشخص يلقب بكلمة عامية يمكن ترجمتها بمعنى "نشل"!
هل معنى هذا أنه لم تحدث أي سرقة طيلة الستين سنة من حياة جدي؟ لا بالطبع، ولكن هذا يعني أنه لم تحدث سرقات على مستوى كبير تتطلب إقامة الحد كما فعل ذلك الشخص، والسرقات الأخرى غالبا تكون بسيطة كأن يدخل السارق إلى الطابق الأرضي الذي تكون فيه براميل القمح والتمر فيسرق شيئا من التمر مثلا أو القمح، وهذا المقدار لا يبلغ نصاب السرقة بالتالي لا يقام عليه الحد (وأيضا لا قطع في الطعام أصلا!)
التعليقات