مهما قرأت من نظريات وتفسيرات لا يمكنني التصديق أن هذا الكون (أو الأكوان حسب نظرية عالم ما) قد صنع نفسه.
صراحة أرى أن الاعتقاد بوجود كائن خارق مطلق القوة (حسب وصف بعضكم) أكثر منطقية وصحة. هل يمكن لأحدكم تقديم تفسير مقنع لاعتقادكم هذا؟
لماذا لا يُمكن أن تُصنع بواسطة ماهيات غير عاقلة من دون إرادة؟
الجواب بسيط جداً. تخيل أن هناك مطبخاً تطبخ فيه زوجتك أو صديقتك، وجئت إليه ووجدت كل شيء تحتاجه، فرن وولاعة وثلاجة ورفوف وشاي وأكواب للشاي وسكر وملاعق وكل شيء، ثم قلت لزوجتك أريد كوب شاي مع قطعتين من السكر، وزوجتك لم تكن في المطبخ، فسوف تمر الساعات والأيام والشهور والسنين إلى الأبد ولم يتم تحضير كوب الشاي الخاص بك! لماذا؟ لأنه لا يوجد عامل ذو إرادة كي يريد أن يجمع كل تلك الأشياء معا ليصنع الشاي، وكوب الشاي المطلوب هذا لن يتم تحضيره أبدا مهما انتظرت وإلى الأبد !! فهذا كله يحتاج إلى كائن لديه وعي وإرادة.
لو جلست مليار سنة تراقب المطبخ فلن يحدث أبداً أن يجتمع الماء والسكر والملاعق وكوب الشاي وكيس الشاي نفسه ليصنعوا لك كوبك المطلوب، مع أن الأمر مجرد كوب، فما بالك بهذا الكون الفسيح أو هذه الحياة المعقدة!
سأقرب لك الفكرة بمثال آخر، تخيل كرة الأرض وهي مليئة بالعناصر الأساسية، أكسجين وهيدروجين (على شكل ماء) ونتروجين وكربون وحديد ومعادن ... الخ، كل هذه المواد العمياء الميتة التي ليس فيها حياة ولا تمتلك وعياً ولا إرادة، بإمكانها البقاء كما هي عليه والمكوث في تلك الحالة إلى أبد الآبدين، لا يوجد أي شيء يمكن أن يجعلها تقرر فجأة أن تتحول من مادة ميتة إلى مادة حية، فما الذي سيجعلها تفكر في ذلك وهي لا تفكر أصلاً!
مثلها مثل المواد الميتة على سطح القمر مثلاً أو عطارد أو زحل. يمكن للصخور الصماء والأرض الجرداء أن تبقى هكذا كما هي عليه إلى فناء الكون. ما الذي سيجعلها فجأة تقرر التحول إلى مادة حية، وكيف يمكنها أصلا فعل ذلك؟
لهذا جميع كتب الأحياء عندما تتحدث عن التطور (والذي أؤمن به بكل تأكيد)، لا تناقش أبداً كيف تحول المادة الميتة إلى حية. هذا موضوع خارج نطاق علم الأحياء المعاصر أصلا، وكل الفرضيات المطروحة لا تصمد أمام المنهج العلمي.
التعليقات