بعض الأطفال عندما أرى والديهم أشعر بشفقة جارفة. ما ذنب هذا الطفل أن ينشأ ويترعرع ليصبح نسخة جينية من أبيه، خصوصاً لو كان أباه أصلاً نسخة تحيل الواقع جحيماً كل يوم.

بعض الآباء يربّون أبناءهم بعقلية الإنقسام الميتوزي لإنقسام الخلايا، انا أرى الامور بهذه الطريقة أرتدي ملابسي بهذه الطريقة أتكلم بهذه الطريقة، اهتم بهذه الأمور، أكـره هذه الامور. ودورك كإبن لي أنجبتك من حيواناتي المنوية أن تفعل ما أفعله بالضبط، سواءً في طريقة حياتي أو فهمي للأمور أو طريقة ملبسي، وأن تحب ما أحب، وأن تكره ما أكـره.

هل هذه " تربية " ام عملية غسيل دماغ كاملة ؟

الأب مهندس ينشيء ابنه ليلتحق بكلية الهندسة، الأب سلفي يربّي ابنه ليصبح سلفياً، الأم تربّي ابنتها لتكون نسختها في الحياة، أو - وهذا الاكثر حدوثاً - تربّي ابنتها لتحقق كل امنياتها التي فشلت في تحقيقها هي ، وليس بناءً على أمنيات الإبنة نفسها واهتماماتها.

في رأيي :

التربية تعني غرس الحد الأدنى من مبـادئ الـ " الاخلاق والدين / القـراءة والمُطالعة / أساسيات صناعة المال في الحياة " في الأبناء .. غرس المبادئ ليس هدفه اي شيء سوى وضع نظام التشغيل الطبيعي الذي يحميه من التيه وتضييع الوقت، وتوجيهه لحياة صحية دون مصادرة آراءه وتفسيراته ونظراته للأمور التي يكوّنها على مدار عمره وصولاً لمرحلة النضج واتخاذ القرار.

ثم تركهم أحراراً تماماً في استثمار هذه المبادئ في الطريق الذين يختارونه بلا تحديد. كل ما سوى ذلك يعتبر عملية غسيل دماغ وفرض إجباري، حتى لو اتخذت طابعاً تربوياً من باب الشفقة او الخوف.

هذا رأيي، ما رأيك ؟