هناك اثنين من القوانين تُكَون عقولنا في مرحلة الصغر، وتؤثر على طريقة العيش، بل تتلاعب بالسمات الشخصية وردود الأفعال الخاصة بنا، وهما قانونا الثواب والعقاب، ليس فقط في الحياة الدنيا بل في الاخرة أيضاً، وكانت هناك اشكالية كبيرة حول المبادرة او الإقبال على الأفعال الصالحة هل كان ذلك بفعل الفطرة أو خوفاً من عقاب قد يوقع عليك عند الإتيان بشئ مشين، أو الحصول على ثواب أو ترقية عند قيامك بعمل جيد.

أثناء فترة طفولتي تعرضت لعقاب لفظي وتم نعتي بكلمات مثل (غبي،فاشل، بطيئ الفهم) كما وتعرضت لعقاب بدني عند قيامي بخطأ ولو بسيط مع العلم أنني في تلك الفترة لا أستطيع قياس الخطأ الذي قمت به هل هو خطأ جام أم بسيط، ولم أعرف إن كنت أخطأت أم لا، ومن هنا لازمتني صفة الإنطوائية، فالعقاب في مرحلة الطفولة يحول الطفل اما لشخصية انطوائية منكسرة، أو شخصية عصبية، شديدة الغضب.

منذ 4 سنوات بدأت أبحث عن عقاب الأطفال في علم النفس، فصادفتني خريطة للدول التي لديها قوانين لحماية الأطفال ضد الأذى الجسدي واللفظي وللأسف معظم الدول العربية لم ترى جريمة في معاقبة الأطفال.

العقاب يؤثر بشكل كبير على كمية المادة الرمادية في الدماغ وبالتالي يؤثر على الذاكرة، بل هو واحداً من أكثر مسببات الأمراض النفسية مثل القلق، الاكتئاب، والعصبية، عندما يتعرض الطفل للأذى سواء كان لفظي أو جسدي فإن ذلك يقوم بحجب المنطقة المسؤولة عن الفهم، لذلك عندما يقوم أحد الأباء بضرب ابنه بسبب عدم قدرته على حل مسألة رياضية بسبب ادعائه أنه بطيئ الفهم، فإنه سيصبح بطيئ الفهم بالفعل بسبب تعرضه للضرب، كنت قد قرأت بحثاً أن العقاب في الطفولة أيضا يؤثر على الذاكرة حتى بعدما نتخطى سن الثلاثين، ولا أعتقد أن العقاب له أي فائدة جيدة على صحة الطفل النفسية، أو على تعليم الطفل الفرق بين الخطأ والصواب، كمثال لو قام طفل بكسر كوب من الماء وتم معاقبته المرة الثانية سيكذب، واذا قام بأي خطأ وهو يعلم أنه خطأ سيخفي ذلك خوفاً من تعرضه للعقاب، أما اذا تم تبيهه وتعليميه لماذا الخطأ خطأ والصواب صواب أعتقد أنه سيكون أفضل.

أعتقد أن معظمنا تعرض للعقاب في صغره سواء كان لفظي أو جسدي، سؤالي هو كيف أثر ذلك فيك؟ وكيف ستتعامل مع ابنائك في المستقبل عندما يقومون بخطأ ما؟