بسم الله الرحمن الرحيم
ربما تم الحديث في هذا الموضوع آلاف المرات .. لكنه لا زال يدهشني ويثير بعض الاشمئزاز عندي .. فقلت لم لا أطرحه فقد أجد من يغير وجهة نظري .. وهو ازدواجية المعايير عند بعض النسويات والتي لا تزال أمراً مدهشاً بالنسبة لي ..
الموضوع لا يقف عند القيام من مقعدك في الحافلة لتجلس مكانك امرأة كانت من خمس دقائق تصرخ مطالبةً أن تكون مثلك .. القصة أكبر من ذلك .. فدائماً ما تطالب بعض النساء بالمساواة .. وفي نفس الوقت تتوقع من الرجل سلوكيات بعيدة عن تلك المساواة وتصب في مصلحة المرأة! ولا يجوز لأحد أن يتوقع منها الشيء ذاته! مثال بسيط فقط لتوضيح الفكرة .. الرجل مطالب أن يبادر دائماً بالحديث مع المرأة .. ويدعوها على العشاء .. وتطلب ما لذ وطاب .. وإن لم يعجبها المكان فالسخط والمهانة تقع عليه .. وفي النهاية يجب عليه أن يدفع الحساب وهو يبتسم بينما هي تكتفي بالفرجة .. أو ربما تتأفف من قلة ذوقه واختياراته السيئة ..
طبعاً بعد أن قرأتُ ما كتبتُه اكتشفتُ أنه مثال هزيل .. لكن لا طاقة لدي بأن آتي بغيره .. :)
عموماً .. تطالب المرأة باستمرار أن يكون لها خيارات في حياتها - وهو من حقها طبعاً ولا جدال في ذلك - .. لكنها تنسى أن الرجل هو في الحقيقة من لا يملك أي خيارات على الإطلاق! الرجل منذ صغره يعرف مسار حياته: سيعمل، ويعمل، ويعمل، ثم يعمل، وبعدها يعمل، وبعد أن يتعب، سيكمل عمله! لن يتوقف عن العمل والتعب حتى نهاية حياته! لا خيار آخر لديه! الرجل مطالب - شرعاً وعُرفاً - أن يكون هو العضو المنتج في المجتمع .. فهو منذ لحظات شبابه الأولى مطالب بأن يبدأ البحث عن عمل .. وأن يتحول من مستهلك إلى منتج .. أو يبحث عما سيمكنه من ذلك في المستقبل .. فهو في القريب العاجل من سينفق على أمه وأبيه وإخوته وأخواته .. وأحياناً على جدته أو عمته أو ابنة خالته التي مات زوجها .. كل هذا قصة .. وزوجته وأبناؤه قصة أخرى .. فهو رغماً عن أنفه مطالب أن يكدح ويشقى ليؤمن لهم حياةً كريمة .. وهو في الغالب لا يجرؤ حتى على الاعتراض .. قد يشتكي لأصدقائه من ظروف العمل أو مقدار ما يتحمله من أعباء .. لكنه لن يعترض مثلاً على دوره هذا خصوصاً أمام أسرته .. ولا ينتظر - في الغالب - منهم ولا من غيرهم جزاءً ولا شكورا ..
دعونا نتحدث عن الرجل الطبيعي (وهو النوع السائد في هذا الكوكب) وليس عن العاهات الذين يريدون أن تتغير القوانين الكونية لتخدمهم وهم قابعون في السرير .. هل يوجد رجل يستطيع اختيار أن يجلس في البيت ينتظر أن يأتيه النصيب لكي يجد من يعتني به وينفق عليه ويدير شؤونه؟ ببساطة .. لا! لا خيار أمام الرجل إلا أن يعمل ويأكل من عمل يده ويطعم من حوله .. فلماذا تتجاهل النساء هذه الحقيقة وتريد أن تحصل على كل شيء وتكون كل الخيارات متاحة أمامها .. بينما الرجل محصور في هذا القالب المرسوم له من قبل أن يغادر رحم أمه؟ فقط فكري بهذا الأمر عزيزتي الفتاة في المرة القادمة التي تطالبين فيها بأن تكوني متساوية في كل شيء مع الشاب .. فالشاب عليه من الأعباء أضعاف ما له من الحقوق .. ولا تنسي أن المساواة تكون في كل شيء .. وليست مفصّلة بحسب مقاسكِ وما ترينه مناسباً ..
أنا - يا أعزائي القراء - لا أطالب المرأة بأي شيء .. فهي حرة في حياتها .. لكن أن تطالب بالمساواة وفي نفس الوقت تطالب بالامتيازات الأنثوية فهذه قمة التناقض! تريدين المساواة منه .. لكنه مطالب بالمهر .. والشبكة .. وفرش البيت من أوله لآخره بكل غرفه كهربائياته .. والعرس من فرقة وصالة وطعام وتكاليف لا حصر لها .. وشهر العسل .. ووووووووووووووووووووووو..... كل هذا ولم ندخل في معمعة الحياة اليومية ومطالبها التي لا تنتهي! فعن أي مساواة تتحدثين يا عزيزتي؟
ستقولين لي بأنني أعمل مثلي مثله تماماً وأساهم في دخل البيت .. وأنا أقول لكِ سلمت يداكِ وطرح الله البركة في ما رَزَقكِ .. لكن أتعلمين ما هو الفرق الجوهري بينكِ وبين زوجك أو والدكِ أو أخيكِ؟ أن الموضوع بالنسبة لكِ اختياري .. وبالنسبة للرجل إجباري! تستطيعين - عزيزتي الكادحة - التوقف في أي لحظة تريدين! لو استيقظتِ في يوم من الأيام وقد فقدتِ أي رغبة في العمل .. فبكل بساطة أخبري جهة عملكِ أو مديركِ أنكِ مستقيلة .. وانتهينا! الأمر طبعاً ليس بهذه البساطة .. لكنني أقصد أن وضع حد لشقائكِ هذا أمر مرهون برغبتكِ الشخصية حصراً .. لكن جربي فقط أن تتخيلي حدوث هذا الأمر مع رجل ما! هل تعرفين ما هو مصيره؟ التشرد في الشارع! والله إني لا أبالغ! الرجل لا خيار له أبداً! مهما كان وضعه بائساً .. لا خيار له .. هو مجبور بالفطرة وكما تجري المقادير الكونية أن يعمل .. لا مفر أمامه ولا خلفه .. وأي تقصير منه سيواجه بردة فعل عنيفة من المجتمع .. وهو ما لا ينطبق على النساء لا من قريب ولا من بعيد ..
مرة أخرى .. لا أزعم أن أمثال هؤلاء العالات من أشباه الرجال الذين يتوقعون بأن العالم مدين لهم دون أن يحركوا مؤخراتهم غير موجودين .. بالتأكيد ستجد منهم في كل مكان .. لكنني أتحدث عن الوضع الطبيعي القائم منذ بداية الجنس البشري .. لا تقولي لي بأن زوج ابنة جيراننا أرعن ووالد صديقتي أخرق ومديرتي في العمل تنفق وحدها على بيتها .. فأنتِ بهذا تنظرين للـ 1 وتتجاهلين الـ 99 .. لا نتحدث عن الاستثناءات هنا وإنما عن الوضع الطبيعي ..
هدفي من هذه الثرثرة وكل ما أريده .. أن تطالبي - يا أختنا الفاضلة - بواحدة من اثنتين: إما المساواة .. أو الامتيازات الأنثوية! مطالبتكِ بالاثنين معاً هو قمة التناقض!
أعرف أن مجتمعنا لا يحمل ذلك النفس النسوي المتعصب كما هو الحال في الغرب .. ولذلك أتمنى أن تكون الآراء موضوعية لعلي أغير رأيي في هذا الموضوع أو أنظر إليه من زاوية جديدة لم أنتبه لها من قبل ..
ودمتم سالمين ..
التعليقات