منذ الصغر وأنا مبهور بروايات الخيال العلمي. ليس الخيال العلمي الذي يحمل سمة المبالغة الفجة (مثل سلسلة أفلام حرب الكواكب Star War) ولكن أعني تلك التي تبني افتراضات منطقية لما ستكون عليه الحياة في المستقبل، بناءً على الاكتشافات والاختراعات والأبحاث العلمية الحالية.
أحببت بشكل خاص سلسلة أفلام العودة إلى المستقبل Back To Future لماذا؟ لأنها لم تبتعد زمنيًا عن عصرنا، وكذلك لم تبتعد عن الواقع بشكل كبير. أفلام تشرح لك كيف سيكون الغد القريب بناءً على أبجديات التقدم المتاحة اليوم.
الآن أنا أكثر شغفًا لمشاهدة مثل هذه الأفلام مرات ومرات أخرى، وكذا قراءة الروايات التي تتحدث عن الخيال العلمي، ورؤية الغد. بمثل هذه الأعمال الأدبية والفنية استطاعت عقول مبدعة تخيل كيف سيكون الغد، ولكن كان التخيل بناءً على رؤى ودراسات علمية.
عام 1998 قرأت كتاب بيل جيتس (المعلوماتية بعد الإنترنت The Road Ahead) وأبهرني بتخيلاته ورؤيته للمستقبل في عصر المعلوماتية، وظننت وقتها كم يبالغ هذا الرجل، ولكن بعد 10 سنوات فقط من قراءتي للكتاب، لن أقول تحقق كل ما فيه، ولكن تجاوز الواقع الذي نحياه، خيال بيل جيتس في الكتاب. الكتاب أكثر من رائع، أدعوكم جميعًا لقراءته.
بالطبع تعرف السفينة تيتانك Titanic وقصة غرقها، ولكن هل تعرف أنه كان هناك روائي نشر قبلها بعشر سنوات رواية تتحدث عن أول سفينة بخارية عملاق تمخر عباب المحيط، اسمها Titan، وقصة غرق تلك السفينة وذكر فيها كل التفاصيل المتعلقة بالحادث كما حدثت في الواقع، وكأنه انتقل إلى المستقبل ليرى الحادث، ثم يعود ليصفه.
كذلك ربما بعضكم يحب قراة سلسلة روايات ملف المستقبل للكاتب د. نبيل فاروق، ليرى كيف يرى المستقبل بعيون علوم اليوم. فمع د. نبيل فاروق عرفت مسدسات الليزر، الاستنساخ، جهاز التليفيديو، الانتقال الآني، الهوفركرافت، الهولوجرام، وغيرها كثير من الاستقراءات المستقبلية، التي تحقق بعضها بالفعل، وتحقق ما هو أعلى منها. الميزة في في نبيل فاروق هو أنه كان يرى الغد بناءً على اطلاعه على الدراسات والأبحاث العلمية، وكذا براءات الاختراع والمشاريع العلمية المزمع تنفيذها، ولكن بدون دراسة اقتصادية وافية. أي أنه بنحو أو بآخر كان يرى الغد بناءً على ما توافر له من معلومات، ويرسم الصورة بهذه الطريقة، فخرجت رواياته ممتعة، مرتبطة بشكل كبير بما نعرفه اليوم عن عصرنا.
ما الذي لا أحبه في روايات الخيال العلمي؟
الخيال السوداوي .. أعلم أنه من الخطأ تبني وجهة نظر أحادية، وفق رغباتك وتفضيلاتك الشخصية، ولكن حقيقة لم أحب سلسلة أفلام مثل Terminator أو The Matrix التي تصف نهاية البشرية على يد الآلات. لم أحبها على الإطلاق، ورأيت فيها الكثير من التجديف صراحةً.
عامة، وبعيدًا عن رأيي الشخصي، سنلعب اليوم لعبة طريفة للغاية.
لن نتحدث عن رؤيتك للحاضر من الماضي، ولكن سنتحدث عن رؤيتك للمستقبل من الآن. ففي ضوء علومك ومعارفك التي بالتأكيد تنمو كل يوم عن اليوم الذي قبلها، تطلع على اكتشافات العلماء فيما يخص البحث العلمي والتطوير، ومن الممكن أن تستنتج أو تستنبط كيف سيكون الغد في ضوء هذه الاكتشافات والاختراعات.
أدعوك إلى تخيل الغد معي، وكيف سيكون. لا أتحدث عن الغد البعيد الذي قد لا ندركه بأعمارنا المحدودة، ولكن أتحدث عن غد قريب من الممكن أن نلحق به، بعد عشر أو عشرين عامًا من الآن، إن مدّ الله في أعمارنا.
قل اقتراحاتك بناءً على رؤيتك العلمية، أو على أمنياتك وطموحاتك إن لم يكن لديك خلفية علمية، ولنناقش إمكانية تحقيقها حسب الخلفية العلمية لمن يقرأ هذا الموضوع.
التعليقات