لا أعتقد أنه بإمكان شخص ما أن يتأمل علوم الفلك وحركة الكون دون أن يُثير عقله هذا التساؤل،فمن المعروف لدينا أن الأشياء يمكن أن تنتقل إلى أي (مكان) في الكون وإن لم نستطع توفير وسيلة لذلك، فلم يكن باستطاعة الانسان من قبل أن ينتقل إلى سطح القمر، لكنه كان هناك (مكان) فوق سطح القمر، وربما لا نستطيع الآن الانتقال إلى مجرة اندروميديا لكنه هناك (مكان) داخل مجرة اندروميديا، والسؤال هنا هل تستطيع الأشياء أن تنتقل إلى (اللامكان)؟ هل تستطيع الأشياء أن تنتقل إلى العدم؟!
لعل نظرية نشأة الكون (الانفجار العظيم The Big Bang) وما سبقها من ملاحظة لحركة الكون المستمرة نحو الاتساع تكون مثالا حيّـا للمقصود بالتساؤل المطروح، فهذه النظرية - السائدة علميًا - تقوم على أساس أن الكون بأكمله قبل أمد طويل - قيل 14 مليار سنة تقريبا - كان عبارة عن كتلة صغيرة للغاية قبل أن تنفجر وتصير الكون الذي نعيش فيه، تصير الأرض والسماء، تصير الماء والهواء، وجدير بالذكر أن هذه النظرية ظهرت في أربعينيات القرن الماضي تقريبا، بينما أخبرنا الله تعالى بهذا الأمر في القرآن الكريم قبل أكثر من 1400 سنة "أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما .." صدق الله العظيم.
تخبرنا النظرية أيضًا أن هذه الكتلة منذ أن انفجرت وهي في حالة اتساع مستمر، فالأجرام السماوية التي نتجت عن هذا الانفجار انما تسير بسرعات متفاوتة في اتجاهات مختلفة، فتزيد الكون اتساعا، ولعل حجم الكون وقت كتابة هذه السطور، كان أقل كثيرا مما هو عليه وقت قراءتك لها.
يطلب منا ستيفن هوكينج ألا نحاول أن نتخيل الانفجار العظيم وكأننا واقفين بالخارج نشاهد تلك الكتلة وهي تنفجر، لأنه لم يكن هناك مكان بالخارج، لم يكن هناك خارج بالأساس، المكان الوحيد هو داخل هذه الكتلة، داخل هذا الكون، كل ما دون ذلك فهو العدم، جوهر الحديث هنا حول هذا العدم؛ كيف صار موجودا؟!
فإذا افترضنا أن حجم الكون بالأمس كان 100 كم2، وصار اليوم 105 كم2، فإن هناك جزء من اللامسافة واللامكان واللاوجود، صار اليوم موجودًا بحجم 5 كيلو متر مربع، صار مكانا جديدا يمرح فيه الفضاء، فكيف إذن يمكن أن يتحول اللامكان إلى مكان، أو ينتقل المكان إلى اللامكان؟! وكيف يصير العدم موجود ؟!
أتمنى أن أرى تعليقاتكم حول هذا الموضوع وأجوبتكم حول هذا التساؤل.
وأتشرف بتلقي أي انتقادات أو تصحيح لما ورد في الموضوع من تفسيرات أو معلومات وهي المشاركة الأولى لي في مجتمع ارابيا
التعليقات