ما هو الكبت الجنسي؟

كَبتَ (لغويا): حال دون ظُهور شُعورٍ أو عاملٍ نَفْسيّ، لم يُخْرِجْه. (قاموس المعاني).

أمّا اصطلاحا فيقصد به مجموعة من التصرفات التي تشير إلى خلل لدى المكبوت في سلوكه الجنسي أو العاطفي، مما يؤدي إلى مشاكل نفسية والمزيد من التأثير السيء على مجتمعه ومحيطه.

كيف يتصرّف المكبوت جنسيا؟

المكبوت جنسيا هو شخص لديه حساسية عالية من المواضيع الجنسية حتّى ولو كانت علمية، أو مجرد مزحة في سياق الحديث، يتصرف بتناقض كبير بين رغبة ومنع، ويعتقد أنّ الجنس محضور إجتماعي، قد تجده يراقب أبسط التفاصيل في الجنس الذي يميل إليه إلى درجة أن يعتقد بأن يد امرأة في الشارع أو وجهها شيء مثير جنسيا، يشغل باله طوال الوقت بخيالات جنسية ورغبة ملحة في الممارسة، قد يُستثار ببساطة ويتصرف بشكل خاطئ، لكن عندما يجد أحدا يتحدث عن الجنس يخبره أن هذا عيب وحرام! كثيرا ما يتحول الأمر إلى رؤية المرأة (أو الرجل) كمجرد وسيلة لإشباع الحاجة الجنسية.

كيف يحصل الكبت الجنسي؟

تحدّث فرويد عن الكبت الجنسي وركز على وجود علاقة بين الكبت الجنسي والاضطرابات النفسية، الأمر ليس دقيقا وقد تختلف وجهات النظر في هذا الموضوع لكن في الغالب أهم الأسباب واضحة، ينشأ المكبوت في مجتمع لا يسمح له بطرح أفكاره المخالفة لهم وهنا تبدأ عقلية كبت الأفكار، ثم ينشأ في عائلة من المستحيل أن تتحدث عن الجنس كموضوع تثقيفي لطفلهم، وصولا إلى المدرسة التي تؤزّم المشكلة أكبر.

هل الدين سبب رئيسي لمشكلة الكبت الجنسي؟

من المتداول قوله "كل محظور مرغوب فيه" فهل حظر الدين للممارسات الجنسية بشكل عشوائي يؤدي إلى الكبت الجنسي؟ من وجهة نظري المشكلة في المجتمعات المتدينة أنّها حين تود تطبيق شيء ما ضمن قوانين المنظومة الدينية فإنها لا تلتفت إلى عمق المشكلة بالفعل، الدين يمنع الممارسات العشوائية لأجل تنظيم الجنس والحصول على مجتمع منظم بدل الحصول على أطفال مجهولي النسب بالجملة! لكن للأسف ما يحصل في الغالب هو عكس ذلك تماما فيخرج من الغاية السامية للديانات في تلبية الرغبة الجنسية بطريقة منظمة، أغلب المشايخ مثلا يتحدثون طوال الوقت عن غض البصر لكنهم لا يتحدثون عن ضرورة العلاقة الجنسية وكونها عاملا ضروريا لحياة الانسان (الجنس مصنف ضمن قاعدة هرم ماسلو مع احتياجات الانسان الأساسية كالأكل والشرب)، وفي هذا الحال يجد أغلب الشباب أنفسهم عاجزين عن الزواج في وقت مبكر بسبب ظروفهم المادية أو الاجتماعية ومن جهة أخرى تقابله الأحاديث التي تعِد الزاني بالجلد والرجم! ما يولد لديه مشاكلا نفسية وربما عاهات اجتماعية خطيرة. أمّا بالنسبة للأشخاص الذين يتحسّسون من الحديث عن الجنس بمسمى "الحرام"، (المسلمين مثلا) يمكنهم الرجوع إلى أحاديث الرسول التي تتحدث عن الجنس بأسلوب صريح، أي أنّ الأمر لا علاقة له تماما بالتعاليم الدينية، الدين لا يحظر التحدث عن الجنس أو مناقشته لكنه يمنع الممارسات العشوائية وهنا الفرق الذي قلّ من ينتبه له.

وللتفسير أكثر كيف قد يحصل الكبت سنتحدث باختصار عن تجربة بسيطة لخبير علم النفس الاجتماعي daniel wegner في سنة 1987، التي أجراها على عدد من الطلبة. كل مرحلة تدوم لمدة خمس دقائق، التجربة تمت ضمن ثلاث مراحل:

1- طلب من الطلاب قول أيّ شيء يخطر على بالهم.

2- في المرحلة الثانية من التجربة طلب منهم قول أي شيء دون التفكير في "دب قطبي" وفي حال التفكير فيه يجب أن ترن الجرس، النتيجة أن الطالب في المتوسط رن الجرس على الأقل مرة واحدة في الدقيقة.

3- أبقى على مجموعة المرحلة الثانية وطلب منها التفكير في أي شيء وفي حال التفكير في الدب القطبي (مسموح) يتوجب على الطالب أن يرن الجرس، وبجانبهم مجموعة جديدة طلب منها التفكير في أي شيء ورن الجرس في حال التفكير في الدب أيضا، النتيجة أن المجموعة 2 التي طلب منها من قبل أن لا تفكر في الدب هذه المرة فكرت فيه بشكل جنوني أكبر بكثير من المجموعة الجديدة.

تفسير ما حصل: عندما طلب منهم عدم التفكير في شيء معين يحصل "كبت الأفكار" يحاول الطالب من المجموعة 2 عدم التفكير في الدب القطبي، لذلك حصل بعدها "تأثير ارتدادي" كرد فعل لما بعد كبت الافكار عند السماح لهم بالتفكير في الأمر، ذلك ما نتج عنه رن الجرس بشكل جنوني.

يمكننا مطابقة هذه التجربة مع ما يحصل في العادة بالنسبة للكبت الجنسي في مجتمعاتنا، المنع من الممارسة وتكرار الأمر "لا تمارس، لا تمارس.." يجعل الرغبة في الممارسة تتضاعف.

كيف نتخلص من الكبت الجنسي؟

قد يتطلب الأمر طبيبا نفسيا لتشخيص الحالة ومعالجتها، لكن بصفة عامة أود التأكيد على أن الكتب الجنسي الذي يحصل في مجتمعاتنا راسخ جدا في الذهنيات وليس شيئا يسهل التخلص منه بين عشية وضحاها، قد يؤدي الأمر إلى مشاكل لاحقا في العلاقة الزوجية، لذلك يجب التسامح مع رغباتنا والتوقف عن التهجم على كل شخص يتحدث عن الجنس، الرغبة الجنسية شيء طبيعي وصحي، من الرائع أن تجعلك تحصل على كميات كبيرة من الحب والسعادة مع شريكك الذي تحبّه!

في رأيكم... ما هو أهم سبب يؤدي إلى الكبت الجنسي؟ وهل لديك صديق مكبوت بشكل مبالغ فيه؟ كيف قد نحدّ من انتشار هذه الظاهرة التي تتسبّب بحالات التحرش بشكل يومي في المواصلات؟