"هل قررت أن تصبح راقصة؟" فاجئني هذا الرد من أحد المحيطين بي من عائلتي بعد أن أخبرتهم بأنني سأبدأ في دراسة الفنون الحرة في معهد "سيلاس". تلك الفنون التي نهملها بالرغم من أهميتها في تشكيل الهوية الشخصية وصقل أدوات التفكير المنطقي التي صدأت من التلقين في الفصل وقاعات المحاضرات.
ما هي الفنون الحرة؟
حينما سمعت اسم "الفنون الحرة" لأول مرة ظننت أنها متعلقة بالرسم والفنون فحسب، وبعد القليل من البحث علمت أن تلك الفنون عند اليونانيين والإغريق سبعة فنون، كانوا بمثابة حجر أساس للفكر والتطوير المجتمعي والإنساني. وكانوا مقسمين على مجموعتين:
*المجموعة الأولى تسمى The Trivum (الفنون الثلاثة): وهم النحو والبلاغة والمنطق (Grammar, Rhetoric, and Logic).
*المجموعة الثانية كانت تسمى The Quadrivium (الفنون الأربعة): وهم الحساب، والهندسة، والموسيقى، وعلم الفلك. (Geometry, Arithmetic, Music, and Astronomy).
وحاليا تتناول بعض المؤسسات والجامعات موادا من الفنون الحرة تتخصص في الفنون والعلوم الإنسانية والإجتماعية والطبيعية، والرياضيات.
تجربتي مع الفنون الحرة
بعد أن قرأت عن الفنون الحرة قررت الالتحاق بسنة دراسية كاملة في "سيلاس" (معهد القاهرة للفنون الحرة والعلوم). تنقسم الدراسة في "سيلاس" لثلاثة فصول يمكنني من خلالها أن أتجول بين الدراسة النظرية، والتأمل في العديد من الأفكار والمفاهيم، والتطبيق المدني على أرض الواقع.
في سنتي الدراسية يتكون الفصل الأول في "سيلاس" من أربعة حقول دراسية أساسية: العلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية، والفنون، والعلوم الطبيعية. ومن ثم تكون الدراسة في كل من الفصلين الثاني والثالث عبارة عن العديد من المساقات المتاحة بشكل متخصص في أحد تلك الفروع ويختار الدارس مساقين في كل فصل بالإضافة إلى مشروع يكون على مدار الفصلين
أسئلة!
بدأ صوت الأسئلة يعلو من حولي حينما قررت دراسة الفنون الحرة فالدراسة في المعهد لا تعادل الماجستير أو الليسانس. أضف إلى ذلك كل الافتراضات المسبقة التي يستحضرها ذهن الكثيرين من حولي عن كلمة "فنون" وكلمة "معهد" ... هل ستساعدك تلك الدراسة في وظيفتك؟ هل لها شهادة معتمدة تضيفها إلى سيرتك الذاتية؟ أليس من الأفضل أن تحصل على تدريب يفيدك في مجال عملك؟
كنت أرد على تلك الأسئلة ببساطة، ولكن كان الرد دائما ما يتركني مع أسئلة أخرى تشغل فكري
هل "الجهل نعمة" كما يدعي البعض فيجب أن التزم بساعات العمل الرسمية وأحافظ على روتين الآباء والأجداد؟ هل من الممكن أن يأتي يوم تحصل فيه تلك العلوم على مكانة مرموقة في فصولنا الدراسية؟ هل لابد من أن يكون للدراسة علاقة بالوظيفة؟
التعليقات