كنت أقرأ اليوم في كتاب (أستطيع أن أجعلك غنيًا) لكاتبه (بول ماكينا Paul Mckenna). الكتاب أكثر من رائع. يتحدث في الجزء الأول عن تغيير برمجة العقل الباطن ناحية المال والثروة بشكل عام، حتى تصبح مهيئًا لأن تكون ثريًا.
عنوان الفصل الرابع: التغلب على الاستهلاك العاطفي. في هذا الفصل يتحدث عن سلوك الشراء غير المبرر الذي يدفعنا دفعًا إلى تدمير مدخراتنا. فحتى الموظف الذي يتقاضى راتبًا مرتفعًا ينتهي به الحال إلى الغرق في الديون وتبديد أمواله. لماذا يحدث هذا في رأيك؟
في الصفحة 94 من النسخة العربية، طبعة مكتبة جرير، يقول ماكينا نصًا:
"كيف تتم برمجة عقولنا على الإنفاق؟
في عام 1932، استعان "مونتجمري وورد" والعديد من رجال الأعمال الأثرياء الأمريكيين الآخرين برجل يُدعى "إدوارد بيرنيز" ليقدم لهم النصيحة حول كيفية تعزيز المبيعات بالنسبة للاقتصاد الراكد فيما بعد الحرب العالمية الأولى. كان "بيرنيز" ابن شقيق "سيجموند فرويد"، وعلَّمهم أن يربطوا بين شراء السلع والخدمات وبين الاحتياجات الذاتية للأشخاص – العلاقات العاطفية، والمكانة، والوضع الاجتماعي، والشعور بالازدهار والنجاح.
وحتى هذا الوقت، كان معظم الأشخاص يشترون الأشياء لأغراض عملية – إن كنت تملك بنطالًا، فلن تحتاج لشراء واحد آخر حتى يبلى الأول، ولكن "بيرنيز" حوّل هذا السلوك من فضيلة إلى رذيلة. فإن شعر أحد الأشخاص أنه غير قادر على الشراء أو لا يحتاج للملابس، فقد تم تعليم البائعين أن يجعلوا هذا الشخص يشعر بعدم الأهمية وعدم القيمة. ومن ناحية أخرى، فإن شراء العلامات التجارية "المناسبة" من الملابس، أو الساعات أو السيارات سيجعل الجميع يعرفون أنك محنك، غني، ناجح، أو ذو قيمة، حتى إن كان الجميع يعرفون بطريقة منطقية أن هذه الصلة مختلفة في الأساس.
في هذا الوقت، دعَّم هذا الموقف الجديد المتشدد كلا من الازدهار فيما بعد الحرب في العشرينات والكساد التالي في الثلاثينات من القرن العشرين. وفي هذه الأيام أصبحت الأساليب المستخدمة أكثر تقدمًا وأكثر دقة، وتقدم لنا ثقافة المستهلك من حولنا عددًا هائلاً من الطرق للحصول على اندفاع فوري للمشاعر الطيبة.
هل أنت مكتئب قليلاً اليوم؟ اشتر هذا الحذاء واطرد تلك الكآبة!
ألا تشعر بالعظمة في نفسك؟ قد يفي هذا الجينز بالغرض!
هل تشعر وكأنك تعمل بجد أكثر من أي وقت مضى دون تقدم؟ إنك تستحق سيارة جديدة!
ولا ينطبق هذا على الملابس والألعاب ورموز المكانة الاجتماعية فقط، ولكنه ينطبق أيضًا على العلامات التجارية. لاحظ كيف ستشعر عندما تنطق بأسماء العلامات التجارية الشهيرة التالية في عقلك:
- بورش
- فالنتينو
- لويس فويتون
- رولز رويس
- رالف لاروين
كل علامة تجارية من تلك تعتبر محفزًا عاطفيًا. يتم إنفاق مبالغ ضخمة من المال على الإعلانات وفي كل أنواع الطرق الدقيقة الأخرى للتأكد من أنك عندما ترى علامة تجارية، أو أي تصميم يتعلق بها، يتم تحفيز مشاعر خاصة في داخلك.
ويتم ذلك غالبًا بطريقة دقيقة وبشكل رائع حتى أنك لا تلاحظ حدوثه. لكنه، دعني أؤكد لك، مازال يحدث. وفي الحقيقة، فإن العديد من المديرين التنفيذيين للإعلانات قد اعتادوا أن يسخروا من تدريبات التنويم المغناطيسي التي نمارسها، وأنا أعتبر الآن أن تعليم الأشخاص كيف يعمل العقل هو بالفعل نوع من "حماية المستهلك للعقل". انتهى كلام بول ماكينا.
في الحلقة رقم 20 من برنامج (خواطر 10) لأحمد الشقيري بعنوان (أوكلما اشتهيت، اشتريت) ذكر أحمد الشقيري في معرض كلامه أن الشركات والمصانع يمكنها إنتاج منتجات تعيش لمدة طويلة من العمر، ولكنهم يتعمدون إنتاج منتجات منخفضة الجودة تعيش فترة قصيرة من العمر، حتى يعتاد المستخدم على الاستهلاك، وحتى يمكنهم هم الاستمرار في الإنتاج والربح. وضرب مثلاً بمصانع إنتاج المصابيح الكهربية، وأورد في الحلقة موضوعًا عن اللمبة المئوية Centennial Light التي تم إيقادها منذ أكثر من 100 عام، ولم تنطفيء حتى الآن. وأرد تسريبًا لمذكرة داخلية في شركة فيلبس Philips لإنتاج المصابيح الكهربية تقضي بأن يتم تخفيض العمر الافتراضي للمبات الكهربية من 800 ساعة إلى 200 ساعة، والتأكيد على أن هذه المذكرة داخلية، يمنع نشرها خارج أسوار الشركة.
شاهد الحلقة من هنا:
وذكر مارتن لندستروم في كتابه الرائع Buy-Ology (مترجم من الدار المصرية اللبنانية تحت عنوان "دوافع الشراء") أن الإنسان لا يشتري بعقله الواعي ولا بالمؤثرات المنطقية للشراء، ولكن يشتري بغرض عاطفي بحت عن طريق ربط المنتجات المراد بيعها بالروابط العاطفية.
ينصح بول ماكينا في كتابه بالعلاج عن طريق تغيير تلك الارتباطات العاطفية. يستخدم ماكينا – في كتابة – طرق البرمجة والروابط الجسدية وتغيير النظرة العقلية لعملية الشراء. كذلك يحث على دفع العقل الواعي لإعداد قائمة الشراء قبل الشروع في عملية التسوق نفسها، ومقارنة الاحتياجات بالمرغوبات، وتقليل الميل نحو المرغوبات، بشراء الاحتياجات فقط.
خلاصة الأبحاث:
يؤثر أصحاب المنتجات على المستهلكين من خلال ربط منتجاتهم بروابط عاطفية بتيمة (أنت أفضل حينما تستخدم هذا المنتج – سيحبك الناس أكثر حينما تستخدم هذا المنتج – سيعجب بك من حولك حينما يرونك تستخدم هذا المنتج).
العلاج: السيطرة على العقل الواعي، ومقارنة الاحتياجات بالمرغوبات، والميل ناحية ما تحتاجه فعليًا من خلال بناء قائمة الاحتياجات فقط، والالتزام بها. وفي حالة بناء قائمة بالمرغوبات، يُفضل أن يتم الشراء منها في حالة توافر فائض من الدخل أو المدخرات.
شخصيًا تعرضت كثيرًا لهذا التأثير في عملية الشراء، ولم أنتبه إليه إلا بعد الإطلاع على المواد المذكورة في هذا الموضوع. فهل تعرضت أنت لها من قبل؟
التعليقات