نزولا عند رغبة إخواني، هاهو المقال مترجم للعربية الفصحى
كوني مصمم أعمل مع الكثير من الزبائن حول العالم من بينهم زبائن محليين في المغرب، قبل أسبوع تعرفت على شاب سوري يريد تصميم هوية جديدة لشركته وأغلفة لمنتجاته.
الشاب السوري دخل المغرب قادما من سوريا سنة 2013 هربا من الأوضاع هناك ودخل وأوضاعه المادية صعبة، عمل لمدة لدى مطعم صغير يعد الوجبات السريعة وكافح حتى وفر مبلغ من المال بدأ به مشروعه الخاص سنة 2015 والمشروع عبارة عن شركة لصناعة الأجبان التي يبيعها للمطاعم, وإنتقل في ظرف وجيز من إنسان لاجىء هارب من الحرب إلى رجل أعمال دخله يتجاوز 50ألف درهم شهريا أو ما يعادل 5000 دولار.
إنسان متواضع وكلما قابلته يقدم لي الكثير من منتجاته ويقول لي هذه هذية للأهل، إضافة إلى كونه جاد ويدفع لي مستحقاتي في الوقت المتفق عليه، كوني أعمل كمصمم حر.
البارحة جلست معه وسألته عن تجربته في المغرب
الجواب كان أن المغرب فيه فرص كثيرة وأن المغاربة يحبون الإتقان في العمل وحسن المعاملة ولاكن كثيرو الكلام، قالها وخجل وهو ينتظر ردة الفعل.
أنا ضحكت قلت له ،صراحة شوية(يعني قليلا)
هو رد علي بالدارجة لا بزااف بزااف وبدأ يضحك (أي لا بالعكس كثيرا كثيرا)
ذهب وبدأت في التفكير بمفردي
شاب سوري هارب من الحرب وجاء للمغرب وصنع لنفسه مكان في حين الكثير من الشباب عندنا مزال ينتظر من الدولة أن تشغله أو ينتظر أن تتحسن الضروف.
فكرت بعمق ووجدت أن عقلية المغربي الناتجة عن نمط التربية والمحيط تختلف كثيرا عن عقلية الأخ السوري.
المغربي من يومه الأول في المدرسة وهو يلقن أنه لابد أن تدرس لتحصل على وظيفة وحبدا لو كانت وظيفة في جهة حكومية ليحصل على إمتيازات المعاش والتغطية الصحية
يكبر الشاب وهو كيعتبر أن الدراسة = وظيفة وعمل
وعندما يكل دراسته ويحصل على شهادة العمل وفي حالة لم يجد عملا في تخصصه، عوض أن يبحث عن مسالك جديدة لجلب المال يبقى حبيس تلك النظرة القديمة وهذا ما يفسر أن الكثير من الشباب ممكن أن ينجح في التجارة والعمل الحر ولاكن لا يفكر إلا في الوظيفة حيت لا يرى نفسه صالح لأكثر من ذالك، أو ربما يرى التجارة في درجة أقل من الوظيفة، مع أن تسعة أعشار الرزق في التجارة، وأن الوظيفة حتى وإن ترقيت فيها تبقى موظف عند شخص يراك كالآلة، يعطيك 10 ليربح منك 90 وحتى إجازتك أو مرضك بالنسبة له فترة صيانة للآلة قبل عودتها لخط الإنتاج.
وبالثالي الكثير من الشباب يبقى حبيس البطالة، ويعتقد أنه بمجرد حيازته لشهادة فهو أعلى من مقام أن يشتغل في مهنة أخرى مغايرة وصعبة، ولاكن نفس الشاب قادر على طلب المال من أمه.
أنا من سوس (منطقة في المغرب)ومعظم سكان سوس نزلو للدارالبيضاء ليمارسو التجارة وموجودين في الكثير من الأسواق الكبرى هنا بالدار البيضاء العاصمة الإقتصادية للمغرب، الكثير منهم مستواهم التعليمي متدني أو ربما لم يلجو المدرسة قط ومع ذالك يجنون أموال محترمة ومنهم عدد لا بأس به صار من الطبقة البرجوازية ويملك كل ما يحلم به الشاب المغرب الطامع في الوظيفة، رغم أن هذا الأخير لم يفني حياته لأجل شهادة طمعا في وظيفة وإنما إشتغل وصبر زرع فحصد، هذا مثال بسيط لتوضيح أن المستوى الدراسي في الكثير من الأحيان لا علاقة له بالمدخول وأن الوظيفة هي فقط باب من أبواب الرزق العشرة.
الشاب الأمريكي يتخرج من الجامعة متقل بالديون ومنهم من يعمل 5 سنوات فقط ليؤدي ديونه. ومع ذالك لا توقفهم الضروف ولا تجده يلوم الحكومة والجامعة التي دفع أمواله ليدرس بها، وتجده يعمل في أعمال عادية، في البريد أو مطاعم الوجبات السريعة أو في المخازن يرتب السلع وهذه الأمورة عادية بالنسبة له لأنه يعلم أنه هو المسؤول عن حياته وليست الحكومة ، ويكافح ليبدأ مشروعه الخاص والنظام الضريبي لديهم صعب. ومع ذالك يصنع ضروفه الخاصة وإذا لم يجد عملا في مجال تخصصه يبحث عن سبل جديدة يربح منها المال تمكنه من بدأ مشروعه الخاص في مجاله.
التربية التي ربي عليها الشاب المغربي تجعله إتكالي ويحب الأمان في الوظيفة وحلمه لا يتجاوز الزواج والمسكن والسيارة، وطالما الوظيفة قد توفر له ذالك فهو يبحث عنها فقط، مع أن الوظيفة في المغرب غير كافية لتوفير ذالك.
وفي حالة لم يجد الوظيفة التي يريدها، يتصرف كالمحكوم عليه بالاعدام، يجلس محبطا يسب الحكومة والبلد والأمة وتخلف العرب والماسونية ويحوم ويعود ليطالب بالوظيفة التي يعتبرها حق مشروع الحكومة مطالبة بتحقيقه، ولا ينظر أو حتى يجرب طريقا أخرى بديلة، لماذا ؟، لأنهم أفهموه أن الوظيفة أمان وأن التجارة مخاطرة وأنك درست لتعمل، ولا يجوز أن تدرس كل هذه السنوات وفي الأخير تشتغل في مهنة لا تحتاج إلى دراسة.
مستحيل أن تجد في تاريخ البشرية رجل ناجح او غني فقط لأنه موظف
ورواد الأعمال كبيل غيتس ومارك صاحب الفايسبوك داخل في إطار التجارة. لأن التجارة هي كل عمل عكس الإجارة والعمل لأجل مقابل مبلغ محدد.
أنا لا أنتقص من الموظف أو الوظيفة وإنما أردت أن أشير أن الوظيفة ليست هي المصدر الوحيد للرزق، كما ذكرت سابقا هي فقط باب واحد من عشرة أبواب والأبواب التسعة الباقية كلها في التجارة وريادة الأعمال.
أستستمح للإخوان الذين وجدو صعوبة في فهم المنشور بالعامية المغربية، كنت أعتقد أن المشكل خاص فقط بالمغاربة ووجدت أن إخواننا العرب يعانون من هذه الظاهرة فأعدت صياغته بالعربية الفصحى.
الموضوع مفتوح للنقاش، وللأسف الكثير من الظواهر في مجتمعاتنا تحتاج إلى دراسات تفهم الأسباب العميقة التي تقف خلفها.
هذا رأيي الشخصي، أحترم كل الآراء
تقبلو مروري
التعليقات