سؤال منطقي للغاية هل يمكنك أن تجيب عنه..
هل يمكن للإله ان يخلق صخرة لايقدر على حملها ؟
دينياً ، لا طبعاً .. ومنطقيـاً ، لا ..
فلنتكلم عن المنطق طالما سؤالك يهتم بالمنطق :
من الناحية الوجودية البشرية ، يمكن للإنسـان أن يبني صخــرة لا يقدر على حملها - رغم انه هو الذي بناها - .. لا يمكن لإنسـان أن يحمل الأهرامات ، أو ناطحة سحاب .. لا يمكن للإنسـان أن يحمــل ( أريكــة ) ثقيلة هو من صنعها ..
لكن تطبيـق هذا المعنى الوجودي على الإله ليس منطقياً .. لأن كلمة ( إله ) لا تشيـر الى شيء سوى القدرة المطلقة ، وإمكانية وضع القوانين ذاتها ..
إذا لم يقدر الإله على حمل صخـرة هو خلقها ، فبالتالي هو ليس إلهـاً .. لأنه ( لم يقدر ) أولاً بكل ما تعنيـه من مفهوم النقص الذي يجعله يتساوى مع نقص المخلوقات ، وبالتالي هو منهم أو مثلهم ..
والأهم ، في حالة عدم قدرته .. معناه أنه هو أيضاً خاضـع لمقاييس الوجود ( الثقـل ، الحجم ، المسافة ، القدرة ، إلخ ) .. التي من المفتـرض أنه هو الذي صنعها..
فالمغالطة المنطقية هنا ، هو ربط قدرة الوجود البشـري ومعاييره ، بمفهوم القدرة الإلهيـة .. البشر لا يقدر على حمـل صخرة هو صنعها ، لأنه صنعها بقوانين الوجود ، ولا يقدر على حمها وفقاً لمعايير الوجود أيضاً .. إنمـا الإله لا يمكن أن يكون خاضعاً لهذه القوانين .. لأنه لو كانت تسري عليه هذه القوانين ، معناه انه ضمن المنظومة الكونية ، وأنه ( مخلوق ) ..
أولا أنا مسلم ومؤمن بما أنزله تعالى، لكن وجدت هذا السؤال وكان قد حيرني عدة أيام ودائماً ما أتفكره فيتجمد عقلي عن التفكير وأقول أعود باالله..
لكن بما أن الإله له إرادة مطلقة إذاً هو يستطيع أن يعجل لهذِهِ الصخرة وجود(التي لايمكنه حملها)،وبما أنه لايعجزه شيئ فهنا نشاهد مغالطة..
مع العلم أني لست ملحد..
أولا أنا مسلم ومؤن بما أنزله تعالى .. مع العلم أني لست ملحد
لماذا تذكـر هذا المعنى أصلاً ؟ .. من حقك أن تفكّــر وتشك ، وتعيد النظـر ، وتتفكّــر ، وتعلّق ، وتلاحظ ، وتتأمل .. ولا يمكن لأحد أن يصادر على رأيك ومعتقدك ، سواءً مؤمن أو غير مؤمن ..
سؤالك في محله .. ومنطقي .. وطبيعي ، ومن حقك ان تسأله دون أن ( تبرر ) لنفسك ولغيرك لماذا تسأل هذه الأسئلة !
لكن بما أن الإله له إرادة مطلقة إذاً هو يستطيع أن يعجل لهذِهِ الصخرة وجود(التي لايمكنه حملها)،وبما أنه لايعجزه شيئ فهنا نشاهد مغالطة..
غير ممكن .. بالعودة مرة أخرى لتعريف مفهوم الإله .. فلا يمكن لإلــه أن يخلق شيء لا يستطيـع السيطرة عليه بالكلّيــة .. لو حدث ذلك ، فهو عودة مرة أخرى لنقطة الصفــر ، انه ليس إلهـاً ..
مرة أخرى انت تربط بين مفاهيم الوجود ، ومفـاهيـم الكـائن الأوّلي الذي أوجد الوجود نفسه بمعاييره بقوانينه كلها ..
أنت كبـشــر ربما تخلق شيئاً ولا تقدر عليه .. هذا ممكن وواقع ومتاح ويحصل ، بدليـل أنك تستطيع تخليق فيروس في المختبر ، وتطلقه .. ولا يكون لديـك علاج له أو القدرة على السيطرة عليه ..
لذلك ، أنت بشر .. تعمل ضمن منظومة الوجود الصارمة ذات القواعد والقوانين..
لكن الإله - وفقاً لمفهوم الإله الأساسي أنه كلّــي القوة والقدرة - طالما أراد شيئاً ، فهو - تلقائياً - في مجال قدرته .. لا يمكن أن يريد شيئاً ولا يقدر عليه ..
فإذا سلّمنـا أنه أراد شيئاً خارج قدرته ( حتى إذا لم يتحوّل الى واقع بعد ) ، فهو فوراً في هذه الحالة مثلي ومثلك ليس إلها .. إرادته نفسها فيها قصــور وخلل ، لأنها غير مرتبطة بالقدرة..
ربما نلخص الموضوع في معنى أن مفهوم ( القدرة ) لدى الإله - منطقياً - يعلـو مفهوم ( الإرادة ) .. هو قادر على كل شيء ، ويريد وفقاً لقدرته ..
فلو أراد - مجرد إرادة ذاتيـة - أن يخلق مالا يقدر عليه .. فهو - بالجملة - ليس إلها .. لأن قدرته على الإيجاد أقل من إرادته .. وهو هنا يتسـاوى معك ومعي تماماً ..
ولو أراد أن يخلق شيئاً .. وخلقه .. ثم لم يستطـع أن يتحكم فيه .. فهو أيضاً بالجملة ليس إلها .. لأن قدرته على التحكم مشـابهة لقدرتك وقدرتي في أمور كثيرة .
إذا درستَ المنطق؛ ستعلم أن ما تطلبه هذا يُسمَّى دوْرًا Loop، وهو من المستحيلات المنطقية!
الإله هو القادر على كل شيء .. له القدرة على الخلق والأمر؛ لا يمكن أن يخلق شيئًا ينتقص من قدرته، ولا يمكنه أن يخلق شيئًا يُعجِزُه؛ ﻷنّه إن فعَل فقد اتصف بنقيصةٍ من نقائص البشَر فانتَفَت عنه الألوهية، وإن لم يكُن إلهًا فلم يكُن عنده القدرة والإرادة أوَّل مرة، وهكذا دواليك.
التعليقات