ليست كل النرجسية صاخبة أو واضحة. أحيانًا تكون هادئة، أنيقة، ومُربكة.

نراها في أشخاص لا يرفعون صوتهم، ولا يطلبون الإعجاب صراحة، لكن وجودهم يجعل كل شيء يدور حولهم دون أن تشعر. حديثهم يبدو متعاطفًا، اهتمامهم محسوب، قربهم مشروط بشيء لا يُقال.

من تجارب نراها حولنا، هذا النوع لا يؤلمك دفعة واحدة. لا توجد لحظة فاصلة تقول فيها: “هنا بدأ الأذى”. بل يحدث الأمر تدريجيًا. تبدأ في إعادة شرح نفسك أكثر من اللازم، في الاعتذار عن أشياء لم تقترفها، في الشك في مشاعرك لأن ردودهم دائمًا منطقية أكثر مما ينبغي.

الغريب أن هؤلاء لا يبدون أنانيين. أحيانًا يبدون عقلانيين، هادئين، “ناضجين”. لكنك تخرج من الحديث معهم وأنت أقل ثقة، أقل وضوحًا، أقل يقينًا بنفسك. لا لأنهم هاجموك، بل لأنهم جعلوك تشعر أن وجودك زائد عن الحاجة إن لم يكن مفيدًا لهم.

هذا النوع من النرجسية لا يترك كدمات واضحة، بل يترك أسئلة.

أسئلة عن نفسك، عن حساسيتك، عن إن كنت تبالغ.

وهنا تكمن خطورته… لأنه لا يُرى بسهولة، لكنه يُعاش يوميًا.