💡

الكون لم يصنع من عنصر واحد والعنصر لم يتركب من ذرة واحدة والذرة لم تتشكل من جسيم واحد فالطغيان بالشيء ترفضه طبيعة الكون فلا يوجد ذرة أفضل من الذرات ولا يوجد عنصر أفضل من العناصر والكوكب بلا شمس لا قيمة له والشمس بلا أرض لا حياة تنتج منها.

الأفضل في الملاكمة ليس الأفضل في المصارعة والأفضل في المصارعة ليس الأفضل في المبارزة والأفضل في المبارزة ليس الأفضل في السباحة والأفضل في السباحة ليس الأفضل في سباق الجري والأفضل في سباق الجري ليس الأفضل في لعبة الجمباز وما ذكرته مما يدل على تنوع الأفضلية وعدم ارتكازها على نوع واحد لكن هل هناك ما يدل على ذلك عقليا!؟

الأفضل في حل القضايا الاجتماعية ليس الأفضل في حل المعادلات الرياضية والأفضل في حل المعادلات الرياضية ليس الأفضل في كشف الجرائم الجنائية والأفضل في كشف الجرائم الجنائية ليس الأفضل في تشخيص الحالات المرضية والأفضل في تشخيص الحالات المرضية ليس الأفضل في الدفاع عن المتهمين وهذا تأكيد لعدم صحة تعميم الأفضلية النوعية ولإثبات ذلك سنكمل ما بدأنا به.

إذا رأيت كاتب عميق أدخله معرض للفنون الجميلة وإذا رأيت فنان دقيق أدخله في مصنع الابتكارات وإذا رأيت مبتكر بديع أدخله في قاعة المناظرات العلمية وإذا رأيت مناظر بليغ أدخله في ندوة الشعراء فكل عظيما في مجاله متواضعا في بقية المجالات فالأقوى ليس الأسرع والأسرع ليس الأكثر تحملا والأكثر تحملا ليس الأكثر لياقة والأكثر لياقة ليس الأكثر نشاطا والأكثر نشاطا ليس الأكثر مهارة والأكثر مهارة ليس الأكثر ثقافة والأكثر ثقافة ليس الأكثر علما والأكثر علما ليس الأكثر فهما والأكثر فهما ليس الأكثر حكمة والأكثر حكمة ليس الأكثر شجاعة والأكثر شجاعة ليس الأكثر ثقة والأخير مثل الأول هو أفضل من غيره بما تميز به فقط.

من يسهل عليه حل المعضلات لن تكون لعبة الشطرنج سهلة عليه ومن هو عبقريا في لعبة الشطرنج لن تكون مهارته في لعبة كرة القدم بمستوى مهارته في لعبة الشطرنج ومن يستطيع التحدث لجماهيره الغفيرة بكل ثقة لن يمتلك نفس المؤهلات لعرض مشهد سينمائي عميق يعبر عن ثقته فالعبقري المفاوض لن يخترع والعبقري المخترع لن يجري عملية جراحية ناجحة والعبقري الجراح لن يكتشف ظاهرة علمية غامضة والعبقري المكتشف لن يحل قضية سياسية معقدة وهذا يبين لنا أن الأفضل في مكان ليس الأفضل في مكان آخر والمكان هو محل الموهبة في النفس ومحل القدرة في العقل ومحل التخصص من بين التخصصات ومحل المجال من بين المجالات ومحل الهواية من بين الهوايات ومحل الصفة من بين الصفات ومحل المهارة من بين المهارات.

من هو الأفضل!؟

العاقل الذي يتعلم من المتاح والمتوفر لإبداع غير المتاح وغير المتوفر مع المحافظة على موهبته والرغبة في تطويرها ليقلل من عيوبه ويكثر من مميزاته فالمتنوع بمواهبه والمتعدد بقدراته أفضل ممن تقيد بموهبة واحدة وتحدد بمهارة واحدة.

أفضل من الأفضل من غيره بخلقه وأفضل من الأفضل من غيره بطبعه وأفضل من الأفضل من غيره بكلامه وأفضل من الأفضل من غيره بعقله وأفضل من الأفضل من غيره بعلمه الخلوق جميل الطبع ورائع الكلام وعميق العقل وواسع العلم.

من بيننا الأول والخاتم والمكمل والمجمل والمساند والمتعاون والمبادر والمتفرد والمتخصص فلا تكن أحدهم لتصبح الشامل المتنوع المتعدد المرن المتكيف المتأقلم الحيوي.

إن كنت من بين من يرفع ما لا تستطيع رفعه و من يصل قبلك لما ركضت نحوه ومن ينجز ما يفعله بدقة لا تستطيع الوصول إليها وكنت أفضل من الأول بفهمك وأسرع من الثالث بجسمك وأقوى من الثاني كنت أفضلهم لما تمتلكه من مهارات متعددة بجمعها تصبح مهارة مذهلة. 

ما الذي يترتب على ما اكتشفناه!؟

لا يصح الطغيان بالنوع الواحد ولا يصح الإتباع الأعمى لمن جعلناه أفضل من غيره ولا يصح الغلو بمن عظمته أعماله وأقواله وأفعاله ولا يصح تقديس من كان يوما من الأيام بحاجة للتعلم ولا يصح تعظيم من مصدر عظمته غير كامنة فيه ولا يصح إهمال دور أي إنسان فالإنجاز ليس صناعة فرد واحد.

لا

تكن

نجما

في

فريق

كن

فريقا فيه نجوم هم أنت.