هناك مشكلة حقيقية مسكوت عنها في الواقع العربي اليوم، تمس المراهقات والفتيات أو النساء بشكل هام، لكنها تقابل باستنكار و بسطحية أخلاقية أو بصمت كامل بل أحياناً تصل إلى العنيف بكل أشكاله، في الوقت الذي يُسمح فيه للذكور، اجتماعيا وثقافيا بالتعبير عن رغباتهم الجسدية وميولاتهم الجنسية منذ بداية المراهقة دون وصم أو خوف، تُحاصَر الفتاة والنساء عموماً بعدد لا حصر له من الطابوهات، ويعامل أي حديث عن الجسد أو الرغبة بوصفه انحرافا وخلاعة يجب محاربتها وطمسها، لا كتجربة إنسانية طبيعية يجب أن يتم احتواءها وفهمها، وطبعاً هذا الواقع الأليم لا يحمي الفتيات، بل يتركهن في عزلة، يتخبطن بين رغباتهن المستحقة والطبيعة وبين مقصلة المجتمع والأعراف.
في النتيحة نجد آلاف المراهقات يُستدرجن ويتم استغلالهن اليوم باسم الحب في الواقع، وباسم التحرر والكول على وسائل التواصل، ففي ظل غياب لغة آمنة للنقاش وامتناع عن التعبير وسيادة ثقافة الإدانة، تصبح المنصات الرقمية، والمحتوى الإباحي والجروبات الخليعة و المبتذلة، المصدر الأساسي للمعرفة والمكان الأول للإفراغ والبحث عن الإشباع، لا الأسرة ولا المدرسة والأصدقاء .
الكارثة هي لا مأوى ولا ملجأ ولا حتى مستمع يمكن أن يحتوى النساء او يتفهم رغباتهن، فالفتاة لا تستطيع الحديث مع أمها خوفا من الإدانة، ولا مع إخوتها بسبب العيب ، ولا حتى مع صديقاتها المقرّبات لأن الوصم و الفضيحة ناهيك عن الاستدراج والتوجيه الخاطئ والصحبة السيئة، لذى تتجه البنت لا شعوياً إما إلى مصادر لا تهتم بمصلحتها مثل رفيقات السوء، أو إلى عزلة رقمية تزيد الارتباك والذنب بدل الفهم والاحتواء والاستيعاب.
متى علينا أن نصدق أن المرأة مثلها مثل الرجل لذيها رغبة جنسية تحتاج التسديد والفهم، وبداية التسديد والفهم هو التعبير وإيجاد من يستمع لمشاكلها ومخاوفها ورغباتها، وأن يعطيها حقها كإنسان في مشاركة هموما وحاجاتها بدون أن تُستغل أو تُعنف أو يتم إدانتها أو وصمها أو تحقيرها.
التعليقات