لكنك لست مجبرًا أن تكون مثلهم

في لحظات ضعف الوعي، حين يُغلف الخطأ بغلاف "الأمر العادي"، يصبح من السهل أن تنزلق أقدام كثير من الناس إليه، لا لأنهم لا يعلمون أنه خطأ، بل لأنهم وجدوا غيرهم قد فعلوه من قبل… والجماعة تعطي الطمأنينة، حتى لو كانت تسير نحو الهاوية.

هذه واحدة من أخطر ميكانيكيات الانحراف:

  • عندما يُصبح الفعل القبيح مألوفًا، تنكسر حساسية النفوس نحوه، ويتلاشى الشعور بالذنب تدريجيًا.
  • الخطأ حين يتكرر… يتحول إلى قاعدة وهمية

في المجتمعات، قد نرى ظواهر مثل الكذب لتحقيق مصلحة، أو الظلم في مواقع العمل، أو تسليع الجسد في الإعلام، أو حتى التطاول على الثوابت. وعندما يُمارَس هذا الخطأ من فئة واسعة، يبدأ الناس بالتبرير لا التصحيح:

  • "كل الناس تفعل هذا"
  • "أنا لست أسوأ منهم"
  • "من المستحيل أن أكون الوحيد المخطئ"

وهكذا، تتشكل ثقافة القطيع، التي تنزع من الفرد بوصلته الأخلاقية وتلبسه رداءً من الأمان الزائف.

لكن الحقيقة؟

الخطأ لا يصبح صوابًا بكثرة فاعليه. والصواب لا يفقد قيمته بقلة الملتزمين به.

كن المختلف… كن الشجاع

في كل زمن، يوجد أفراد وقفوا عكس التيار، لا حبًا في العناد، بل إيمانًا بأن السير مع التيار الخاطئ هو أقرب طريق لفقدان الذات.

هؤلاء هم من غيّروا التاريخ، لا الذين رددوا: "مادام الجميع يفعلها، فلماذا لا أفعل أنا؟"

القوة الحقيقية ليست في مسايرة الكل، بل في أن تحافظ على نفسك حين تضيع البوصلة من حولك.

هل تظن أن النقاء في زمن الفساد ضعف؟

بل هو القوة بعينها، لأنه يتطلب وعيًا وبصيرة واستقامة، في حين أن الانجراف لا يحتاج إلا إلى تقليد أعمى.

ابدأ بنفسك ولو كنت وحدك

حين ترى سلوكًا خاطئًا يشيع من حولك – كالتطاول، أو الكسل، أو الغش، أو التنازل عن القيم – لا تجعل وجودك وسط هذا الجو مبررًا للتخلي عن ما تؤمن به.

اسأل نفسك:

  • هل سأرتاح بعد هذا الفعل؟
  • هل ضميري سيكون حيًّا أم خافتًا؟
  • هل يرضى الله عني؟
  • هل هذا حق أم عادة فقط؟

الضمير الفردي هو آخر معقل للحق عندما تسقط الجماعات.

نقدنا لأنفسنا، هو أول طريق التغيير

هذا المقال ليس لإدانة الناس، بل لتذكير كل شخص أن إصلاح الخطأ الجماعي يبدأ من موقف فردي واحد. أن تقول "لا" حيث يقول الآخرون "نعم". أن تتوقف حيث يهرول الجميع. أن تفكر حين يصمت الباقون.

كل مرة تُراجع فيها موقفك، وتقرر ألا تساير الخطأ، أنت تضيء شمعة في هذا الظلام.

لست مجبرًا أن تكون نسخة من الخطأ الجماعي

نعم، عندما يكون الخطأ جماعيًا يقل الشعور بالذنب،

لكن عندما يكون الحق داخلك حيًا، يصبح الشعور بالذنب هو منارة النجاة.

وكلما قاومت، كلما ارتفعت فوق التيار، حتى لو كنت وحدك.

إذا وجدت نفسك واقفًا في طريق يعج بالناس، لكنك تعلم يقينًا أنهم يسيرون نحو الخطأ…

هل تملك الشجاعة أن تسلك طريقًا مختلفًا، حتى لو كنت فيه وحدك؟