منذ صغرنا، قيل لنا: "إن اجتهدت، ستنجح."
لكن الحقيقة التي نراها بأعيننا، تقول شيئًا آخر…
كم من إنسان يَسهر، ويتعب، ويعمل من الفجر حتى الليل،
ومع ذلك… لا يكاد يجد لقمة تسدّ جوعه؟
وكم من آخر، لم يُجاهد نصف هذا الجهد،
لكنه وُهب من المال والراحة ما لم يتصوّره يومًا؟
مثال مؤلم… لكنه حقيقي
انظر إلى عامل التنظيف…
ذاك الذي يكنس الشوارع تحت الشمس،
ويحمل القمامة بيديه،
يبدأ يومه قبل أن تستيقظ المدينة،
ولا ينتهي حتى تغرب شمسها.
جسده مُتعب، روحه صامتة،
يعمل بكرامة… لكن ما الذي يعود عليه؟
راتب بالكاد يكفي…
بل أحيانًا لا يكفي حتى لشراء خبزٍ لأولاده.
هل ينقصه الجهد؟
هل لم "يسعَ" بما فيه الكفاية؟
أبدًا. بل هو في مقدّمة من يسعون في الأرض.
لكن الله، جلّ في علاه، قال:
"وفي السماء رزقكم وما توعدون"
[الذاريات: 22]
الجهد سبب… لكن الرزق قرار إلهي
الإسلام لم يُنكر أهمية العمل،
بل رفع من قدر العامل،
لكن الإسلام أيضًا أكّد أن الرزق لا يرتبط دومًا بحجم الجهد.
الجهد هو باب تطرقه،
لكن الله وحده هو من يفتح لك الباب أو يتركه مغلقًا لحكمة يعلمها.
كم من غني لا يعمل،
وكم من فقير يتعب دون جدوى…
لأن الأرزاق ليست بيد البشر،
ولا تُقاس بالعرق وحده.
فلا تغتر بالناجح… ولا تحتقر المُجتهد الفقير
النجاح ليس دومًا مقياس ذكاء،
ولا الفقر مقياس كسل.
فقد يكون الغني مُبتلى برزق يَبعده عن الله،
وقد يكون الفقير محفوظًا من فِتن لو نزلت عليه لأهلكته.
خاتمة
اعمل… وابذل جهدك…
لكن لا تظن أن العمل وحده سيجلب لك كل شيء.
ارفع يديك بعد التعب،
وقل: "اللهم ارزقني من حيث لا أحتسب."
فالله هو الرزاق، لا الجهد، ولا الوظيفة، ولا الشهادة.
تمهيد ختامي قبل التوقيع:
بين يدك مجهودك، لكن بين يدي الله رزقك… فلا تغتر بيدك، ولا تيأس إن لم تُفتح الأبواب.
توقيع الكاتب:
بقلم: ملك غير متوَّج | ملك عقول
التعليقات