الأخلاق ليست معادلةً رياضيةً نحلُّها بالمنطق، ولا نظريةً فلسفيةً نبرهن عليها بالحجج. إنها نبضٌ داخليٌّ يخفق في أعماقنا قبل أن نفكر، وإحساسٌ غريزيٌّ يسبق كل تبرير.

نحن نظن أننا نحكُم على الأشياء بعقولنا، لكن الحقيقة أن قلوبنا تحكم أولًا، ثم يأتي العقل ليرتّب الأسباب، ويجد المبررات، ويلوّن القرار بلون المنطق.

هل سبق لك أن شعرت فجأةً بالاشمئزاز من كذبة، أو بالإعجاب بتضحية، دون أن تُفكر؟ هذا هو حدسك الأخلاقي، صوت التطور الذي يهمس في أذنك منذ آلاف السنين. إنه لا ينتظر تحليلاتك، بل يدفعك إلى الحكم في لمح البصر.

أما العقل، فليس إلا محاميًا بارعًا يدافع عن قراراتك الحدسية، ويخيط لها ثوبًا من المنطق. نحن لا نبحث عن الحقيقة بقدر ما نبحث عن القبول، لا نريد العدالة بقدر ما نريد أن نبدو عادلين.

فهل ضميرنا واعٍ أم أننا نرقص على إيقاع لا نسمعه؟