أكبر خطأ يقع فيه أي مدير أو مسؤول أو قائد هو معضلة الأدوات البشرية، حيث يقوم بتوظيف مجموعة من الموهوبين بناءً على خبراتهم وإمكانياتهم وإنجازاتهم السابقة، ولكن ما إن يبدأ العمل معهم حتى يُنهال عليهم بالنصائح بشكل يبدو وكأنه يوجههم إلى الطريقة التي يجب أن يعملوا بها. وإذا أبدى أي منهم أي اعتراض أو طلب تركه يعمل بالشكل الذي يناسبه، يبدأ المسؤول في الحديث عن طريقة هذا المعترض في عمله على أنها رجعية وبطيئة، ويحاول التسويق بشكل ما إلى أن طريقته المقترحة أفضل بكثير وسوف تساعد على الوصول إلى منتج أفضل في وقت أقل.

المعضلة هنا أنك حين توظف المواهب فأنت تتعاون مع مجموعة من العقول والشخصيات المميزة، وليس مجموعة من العمال الذين يعملون بوظائف بسيطة مقابل أجر. هم ليسوا أدوات للوصول إلى هدف، إنما هم رفقاء على الطريق إلى هذا الهدف، وقد تم تعيين كل فرد منهم بناءً على خبرته وقدرته على الإبداع، فبأي منطق يطلب منهم المسؤول أن يعملوا بطريقته الخاصة؟

فإذا كان المسؤول يبحث عمن يقوم بما يطلبه منه فقط، فلماذا وظف الكوادر والموهوبين والخبراء؟ ألم يعلم من البداية بأن لكل واحد منهم طريقته الخاصة في إنهاء عمله بالشكل الذي يناسبه، وينتج الأعمال التي تم توظيفه بسببها؟ أجد تلك المعضلة غريبة للغاية وغير مبررة إلا من وجهة نظر أنها تعبر عن خلل نفسي لدى المسؤول.

فالبعض يتفاخر بنفسه إذا تمكن من إجبار بعض الموهوبين والمتميزين على تنفيذ أوامره بدون نقاش، وكأن الهدف ليس إنهاء العمل نفسه، إنما الهدف هو إرضاء هذا الشخص تحديدًا. وقد وردت العديد من العبارات المأثورة التي تحاول معالجة هذه القضية، منها العبارة الشهيرة: نحن لا نوظف الموهوبين لكي نخبرهم ما الذي يفترض أن يقوموا به، بل نوظفهم ليخبرونا ماذا يجب أن نفعل.

ما رأيكم أنتم في هذه المعضلة المحيرة، وما هي أسبابها من وجهة نظركم؟