يقال ان أينشتاين كان يردد كثيرا عبارة "الخيال أهم من المعرفة" وهي مقولة مهمة .. قد يؤول على ان الخيال اصل أو رافد من روافد المعرفة
قديما عندما كنا نشاهد افلام الخيال العلمي كـ "ستارتريك" و "حرب النجوم "وغيرها من افلام الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم ،يذهلنا عبقرية فكرة الاخراج وعالم ما وراء الارض وتصورات الحياة في المستقبل، حيث كانوا يغزون الكواكب وينتقلون بسرعة الضوء كنتاج افتراضي لفيزياء الكم ربما،يتواصلون من خلال الساعات التي يلبسونها ،قبل صدور الساعات الذكية بأربعين عاماً، ويركبون طائرات نفاثة عمودية ،يستخدمون اشعة الليزر وشاشات التحسس المزدوجة وبدلات بمواصفات خاصة تتحدى الجاذبية وغيرها، كانت شيقة بالنسبة لنا ... فكم كنا نتمنى ان نعيش في ذلك العالم عندما كنا صغاراً ..عالم يندمج الحلم فيه مع الحقيقة ..عالم من المعرفة مصممة بالخيال الواقعي ،او الواقع الخيالي ..
انه الروعة بحد ذاتها ، فلعل المخرجين السينمائيين والروائيين كانوا من أوائل من عاشوا مع عبارة اينشتاين حقاً .. "الخيال اهم من المعرفة" .. فابتكروا وصمموا وافترضوا ..ومن يدري ،ربما كانوا ملهمين في فتح نوافذ افتراضية للعلماء والمتخصصين في مجال التكنولوجيا عبر اللعب على وتر شغف الانسان الى اكتشاف عوالم الكون العميقة وتصور حياة ما وراء الكرة الارضية.. ولعلهم نجحوا في ذلك ..او كانوا سبباً لبزوغ الثورات التكنولوجية عبر اختراع الاجهزة والتقنيات التي قادت الانسان الى اختزال المزيد من الجهود وتحقيق الكثير من الانجاز فأصبحت تلك البيئة المفعمة بالخيال .. محيطا خصبا للمعرفة في وقتنا الحاضر. فكلما كان الخيال عميقاً وملتهباً بالأفكار والتصورات ، كان تحديد الفجوة الحاصلة بين اسلوب حياتنا في الواقع وامتداداً الى ما سنحتاج اليه في مستقبلنا ممكناً، لو لا الخيال لتأخرت المعرفة نحو الازدهار.
عصر المتغيرات:
وكل نتاج في البدء يكون موضع احتفال ولكنه لا يستقر على القمة ، لان الانتاج لا يتوقف، فيظهر شيء اعلى كفاءةً واقل كلفة يحتل الصدارة ،والسبب في ذلك معروف لقد أثبت العقل البشري كفاءة وقدرة عالية في تطوير الأفكار والسبل الكفيلة لحياة رغيدة وسهلة ووافرة .
"ففي فترة لا تتجاوز حياة شخص واحد تطورت الطائرة من تجربة مغامرة لا تتجاوز ميكانيكية دراجة هوائية إلى أن أصبحت، وسيلة مواصلات لا تضاهى من حيث الفعالية. أما المذياع فقد تحول من معجزة مؤقتة إلى أداة رخيصة ،بمتناول الجميع. هكذا تفوق العقل البشري في تطوير الأشياء لدرجة أنه صمم عقلاً إلكترونياً يساعده في رفع القدرة على التطوير أكثر فأكثر. "إدوارد ديبونو" في كتابه" التفكير الجانبي - كسر لقيود المنطقية" -9-
والخيال في الوقت ذاته لا تمدك سوى بالافكار، تبقى مهمة ترجمتها الى مشاريع هادفة تبرهن قوة تلك الافكار وفاعليتها عليك انت ..كان الدكتور الراحل "ابراهيم الفقي" يعلق في احدى محاضراته على اهمية صيرورة الافكار الخلاقة الى مشاريع فيقول: "حاول ان تجعل من افكارك الخلاقة مشاريع تتشارك بها مع الاخرين، ولا تجعلها محبوسة في جمجمتك فكثير من الناس كانوا يحملون افكارا عملاقة ولكن لم يستطيعوا اخراجها للحياة فلم تبصر النور ..فماتت مع موتهم ،اذن كم من الافكار الخلاقة موجودة الان في المقابر! ولكن ما قيمتها ان لم تتحول الى اشياء ملموسة تراها الناس وتؤمن بجدواها".
التعليقات