لطالما راودني ذلك السؤال: أيهما أولى بالتقدير والإجلال والمحبة والاقتداء وصنع التماثيل لهم: شجعان القلوب من فاتحي أقطار العالم ومدوخي الأمم ومن ثلوا العروش وهدموا الممالك أم شجعان العقول ممن أفنوا حياتهم دفاعاً عن الحق وطلباً له وتغنياً به؟!!
لطالما أعجبتني شجاعة الإسكندر وفتحه للعالم القديم بأسره حتى بكى وقال: يؤسفني أني لن أجد عوالم أخرى لأفتحها. وطالما أيضاً أذهلتني شجاعة عقل سقراط الذي يطلب الحق ويدفع مهجته ثمناً له راضياً مطمئناً. هل نفضل شجاعة القلب التي تقتحم بصاحبها أهوال الحروب والمعامع على حد وصف عنترة بن شداد:
خُلقتُ من الحديد أشد قلبا .... وقد بلي الحديد وما بليتُ
وفي الحرب العوان ولدتُ طفلاً.... ومن لبن المعامع قد سُقيتٌ
أم نفضل شجاعة العقل التي تجعل صاحبها يتمسك بمبادئه وبالحقائق في أحلك اللحظات وأشدها حرجاً في الحياة. ومثالنا هنا سقراط الذي قال عنه شوقي:
سقراط أعطى الكأس وهي منية.... شفتي محب يشتهي التقبيلا
عرضوا الحياة عليه وهي غباوة......فأبى وآثر أن يموت نبيلا
إن الشجاعة في القلوب كثيرة...... ووجدت شجعان العقول قليلا؟
يا ترى ما الذي يحتاجه العالم اليوم: شجعان القلوب أمثال، الإسكندر الأكبر ونابليون بونابارت وهتلر ام يحتاج شجعان العقول أمثال، سقراط و جورديانو برونو ولويس باستور؟ برأيكم أيهما أنفع للتاريخ الإنساني وأبقى أثراً ؟
التعليقات