قال بونابرت: أخشى 3 جرائد أكثر من خشيتي لمائة ألف حربة

وأنا أقول أخشى القيود المفروضة على الصحافيين وآرائهم أكثر من خشيتي لمائة ألف قنبلة نووية.

بعد قراءة مقالاتي لأمي دائمًا تنظر لي، وبعد مدحي والدعاء لي تسألني نفس السؤال المعتاد، وهو: يا حبيبتي يا بنتي بس يارب ينشره ويوافقوا عليه، وحينها أقول لها: متقلقيش لو متنشرش في ناس تانية هتنشره.

دعوني أحدثكم عن حقيقة قاسية، حقيقة لم تحدث أبدًا في عصر بونابرت؛ لأنها لو حدثت فربما لن نجد تلك المقولة اليوم، وربما كنت سأحدثكم معكم اليوم عن موضوع آخر، وتلك الحقيقة هي:

الصحافة الآن صحافة مُجردة من السلطة والنفوذ، والأسوأ من هذا أنها صحافة بلا صحافيين.

منذ سنوات ذهبت لمؤسسة تنتمي للقضاة، وكنت أريد دعوتهم لمؤتمر نظمته إحدى القنوات الفضائية لا أتذكر الأسماء، ولو أسعفتني الذاكرة وتذكرتها لن أقول الأسماء ليس خوفًا وإنما خجلًا من الموقف برمته، كنت حينها أرغب في إعطائهم كروت دعوة المؤتمر فحسب، ورغمًا عن ابتسامتي وأنا أقول للحرس أمام المؤسسة: كيف تمنعون صحفي من الدخول؟ أنا سلطة رابعة! نظر إليّ الحارس بعصبية، وقال: وأنا سلطة أولى ومن حقي أمنعك أو أحبسك.

وقتها أنقذني زميلي محمد سمير، وسحبني من يدي، وأعتذر منهم على تصرفي، وأنا في قمة غضبي من زميلي ومن موقف هذا الشخص الذي منعني من الدخول متحججًا بوجودهم في اجتماع؛ فحتى لو كانوا في اجتماع كما أدعى ألا يمكن أن يُدخلنا لانتظارهم في المكتب على الأقل من باب حسن الضيافة؟

لا أنسى أبدًا نظرات زميلي لي، وعصبيته وهو يفتح باب سيارته، ويقول: هبه أنتِ فاكرة أن الصحافة هتحميكي احمدي ربنا أننا مشينا على خير بعد اللي عملتيه.

هذا موقف بسيط جدًا يثبت أن الصحافة مظلومة لدرجة أن قراءة مقولة بونابرت هذه كفيلة بإصابتي وإصابة كل صحفي بالإحباط.

بيت القصيد يا أصدقائي أنا اليوم أحدثكم بكل صدق، وأجزم أن الصحافة التي يقصدها بونابرت لا تمت بصلة -لا من قريب ولا من بعيد- للصحافة التي تنتمي لعالمنا هذا؛ فشتان بين صحافة يهابها بونابرت أكثر من خشيته لمائة ألف حربة، وبين صحافة لا تقوى حتى على حماية نفسها، حقًا لا أعرف كيف يطلقون عليها لقب صاحبة الجلالة حتى الآن؟

أخبروني رأيكم يا أصدقائي؛ فلَعَلّ شهادتي مجروحة أو خانني التعبير بسبب وجودي في قلب الأحداث التي قد تكون أثرت على موضوعيتي قليلًا؟