يعتقد نيتشه أن الإيمان بالحقيقة يبدأ مع الشك في كل الحقائق المعتقد فيها إلى تلك اللحظة، بالنسبة لي أعتقد أن إسقاط كل المسلمات والتجرد من كل المعايير البشرية يمنحك القدرة لرؤية الصورة واضحة كما هي دون تأثيرات خارجية. لوهلة فكرت مع نفسي.. لماذا ليلا لا تتواجد النساء في الخارج؟ (وحتى في النهار في المناطق المحافظة). لنلغي كل الأحكام والقواعد الاجتماعية السابقة التي تعلمناها، نعيش سويا كبشر، نصف هذه المجموعة أو أكثر تسمى "أنثى" لديها جهاز تناسلي مختلف قليلا فقط عن الذي يملك ما يسمى بـ "الذكور"، إختلافات بسيطة في البنية والهرمونات، وأيا كانت هذه الاختلافات، لنفترض أنها كبيرة جدا، كيف يمكن وضع قانون كهذا، وكيف قبلت به الإناث على مرّ التاريخ، إن هذا ما يفعله الوهم المتوارث، وتدافع عن هذا الوهم مجموعة من الإناث تحت تصنيف "عبيد"، لن أفعل هذا.. ذكري لن يقبل، ذكري يغار علي، لن أخرج، لا أشفق على الجاهل كما لا أستطيع أن أشفق على من تدافع على امتيازاتها التي يمنحها الذكر لمجرد أنها شخص كسول يفضل أكل لقمة جاهزة على الخروج لأجل خوض تجربة الحياة. إذا كان هنالك تحقير مستحق في الموضوع فالأجدر به هي تلك الأنثى الكسولة المكتفية بالقليل. ليس هذا ما أردت قوله تماما.. فقط أود التعبير عن دهشتي وذهولي أمام كل هذه المشاهد المربكة للعقل.. سيكون من الأصعب أن تسلب حرية قردة الشامبانزي، ستقاوم بشدة إلى أن تضعها في قفص ثم تتعود تدريجيا تعوّدا نسبيا قد تستثيره الرغبات الجامحة في أيّة لحظة.. لكن أي تخدير تخضعن له هؤلاء النساء البائسات! أي امتياز أو قانون طبيعي يمنعها من الخروج! ودهشتي الأكبر في قبول هذا المنع الغبي دون أي مبرّر حقيقيّ.. هل سيأتي يوم تنقلب فيه النساء ونوضع نحن الذكور داخل البيوت ونتصل لطلب الاذن لأجل أن نرى سطوع الشمس في الخارج؟! نحن نتقدم إلى الخلف بخطى ثابتة!
لماذا ليلا لا تتواجد النساء في الخارج؟
لو كانَ هذا الكلام منشوراً في بدايات ومنتصف القرن الماضي لكان أكثر واقعية من كتابته في هذا العصر وإن بقيت بعض الآثار واستمرت في بعض المناطق والبلدان، ولكن عذراً ما شأنك بمن اختارت بكامل حريتها أن تلتزم بعاداتٍ وتقاليد معينة ترى أنها الأنسب للحفاظ على العائلة والمجتمع؟ من قال لك أنها واهمة؟! ولماذا علينا أن نتبع نموذجاً آخر لنصبح عقلانيين ومتنورين؟! ألا يليق بنا أن يكون لنا نموذجنا الخاص بدلاً من الاستيراد من هنا وهناك؟! وما هو موقعك الذي تسمح لنفسك من خلاله بوصف من تريد أن تكون "ربة منزل" بالكسولة؟! ومن قال أن الكسولة يمكن أن تكون ربة منزل ناجحة؟! وأنّ تجربة الحياة لا تكون إلا في مسارٍ معيّن؟! من العجيب أن تكون مؤمناً بالحرية ثم تستحقر في نفس الوقت خيارات امرأة ونمط حياة ارتضته لأنفسها بغير إكراه! أنت تلوم إجبارها على نمطٍ معين ثمّ تجبرها على نمط آخر لتمنحها أوسمة الحرية والعقلانية وهذا هو المثير للشفقة في الحقيقة!
إذا كنا صادقين حقاً في مناصرتنا لحقوق المرأة فمن الأفضل التركيز على قضايا أكثر واقعية أولاً، والتواضع مع الناس وعدم الحديث عنهم بهذه الفوقية التي قد تصل حد العجرفة أحياناً، وعدم فرض نمطٍ بعينه على ثقافة الناس ومعتقداتهم كما تفعل دولٌ تدعي أنها منارةٌ للتنوير والحرية!
التعليقات