هذه المقولات كثيرا ما كان لدي مشكلة معها، ولا أقتنع بتطبيقها أبدا، وللأسف لقد كبر أغلبنا إن لم يكن جميعنا على هذه المقولات، وتكرارها المستمر على مسامعنا منذ نعومة أظافرنا.
أتذكر منذ التحاقنا بالمنظومة التعليمية وأغلب المعلمين يرددوا هذه المقولة "الحسنة تخص والسيئة تعم"
كثيرا ما كنت أعترض، وأرفض العقاب على شيء لم ارتكبه، فكان المبرر من قبل المعلم هذه المقولة، وكأننا تعودنا على ترديد المقولات دون فهمها وتحليلها، وإن كانت صائبة أم لا، هل هي تميل للعنصرية والتفرقة أم لا.
ظللت ناقمة على هذه المقولات، حتى دخلت بنقاش مع أحد المعلمين بمرحلة الثانوية، وتناقشنا وتجادلنا على هذه المقولة، وكان مبرره غريب جدا وهو أن "معاقبة الجميع على خطأ الفرد سيخلق لديهم الرهبة والخوف من ارتكاب نفس الخطأ أو تكراره مرة أخرى من قبل المرتكب"، وكان ردي ومن يضمن لنا أن العقاب لشخص برىء لن يولد لديه الدافع لارتكاب الخطأ، كونه تعاقب على شيء لم يفعله وبالتالي لما لا أخطىء طالما بكل الأحوال أعاقب على أفعال وأخطاء غيري.
وما إن كبرت والتحقت بعملي، وتوقعت أن هذه المقولات لن تكن موجودة، ولكن للأسف بالواقع وتحديدا المؤسسات الحكومية المقولة هذه مفعلة وبقوة، ولكن كان هنا بإمكاني الاعتراض قانونيا، لأن القانون يتعارض كليا مع هذه المقولة، فلكل موظف مسئولياته ومهامه، والخلط لا يمكن إلا بحالات معينة.
أما المقولة الثانية، وسبب ذكري لها هو موقف تعرض له زميل ببيئة عمل أقل ما يقال عنها بيئة احترافية، هذا الزميل كان من الموظفين المخلصين الذين يصعب التخلي عنهم، بشهادة الجميع سواء زملاء أو مدراء، حتى هو قد فضل عمله على حياته الخاصة، والنتيجة بعد 4 سنوات من العمل المخلص والدؤوب دون غلطة واحدة، تم فصله لغلطة قام بها دون قصد، نعم فصله نهائيا وليس مثلا تنبيه أو جزا.
سأكون موضوعية وأقول أن الخطأ لم يكن هينا لكن بذات الوقت هو قدم كل ما بيده وساعد لحل هذا الخطأ، وهنا عندما أخبره مديره عن قرار الفصل ونقاشهما سويا، قال له " غلطة الشاطر بألف".
هل يجب ألا أكون شاطر بعملي حتى لا يحسب خطأي بألف، هل المبالغة بالعمل والإتقان قد يكون سببا غير مباشر لتضخيم أخطائي بدلا من أن تكون شفيعا لي إن أخطأت خطأ غير مقصود.
هذا جعلني أعود لطريقة تعاملنا مع الأشخاص حتى بحياتنا، فالشخص الملتزم والصادق إن أخطأ مرة وارتكب حماقة معينة، يكون رد فعلنا مبالغ فيه وبقوة، ولا يُشفع له أن هذا أول مرة ويمكن تجاوز ذلك، ونبالغ بلومه، على عكس الشخص الذي يرتكب نفس الخطأ باستمرار، تعودنا على خطأه وربما لم نعد نلومه ونقبله بأخطائه هكذا.
عودةً لزميلي، بعد أن ساهم بإصلاح خطأه وهو حتى مفصول عن عمله، عرض عليه مديره العودة مجددا، نصيحتي له، أن يبحث عن بيئة عمل أخرى، تقدر مجهوداته وخبراته على الأقل بقدر تقدير أخطائه، لا أعلم إن كنتم ستختلفون معي أو تتفقون بشأن نصيحتي، ولكن لا أتحمل فكرة عدم التقدير بشكل عام، وأرفض هذه المقولات رفضا قاطعا، فالحسنة تخص والسيئة تخص أيضا، وغلطة الشاطر هي بالنهاية غلطة واحدة وليست ألف.
التعليقات