أردت كتابة هذه المساهمة على عجل وأنا أشاهد على المباشر ما يحدث في بيروت من مواجهات بالسلاح وسقوط قتلى بين المحتجين.

عندما عملت على روايتي الأخيرة والتي تدور أحداثها في لبنان، استغرق مني الأمر عاما كاملا لانهائها بحكم كبرها (600 صفحة)، وطوال هذا العام، غرقت في بحر من الكتب والمراجع التي تروي أحداث حروب لبنان الحديثة من سنة 58 حتى 2006. وجدت نفسي أرثي بشدة على كل ما حدث في لبنان وقتها، خاصة وأن جل العالم كان مهتما ببؤرة الحروب تلك فوثّقوا كل شيء وكل معاناة وكل جثة بالصوت والصورة والتاريخ والساعة.

حنقتُ على حافظ الأسد ونبيه بري وكمال جنبلاط وبيير الجميّل وكميل شمعون وابراهيم قليلاتي وسمير جعحع وجيسي سكر وياسر عرفات والجيمع الجميع الذين كانوا أمراء الحرب وقتها وسببوا كل المعاناة للشعب اللبناني الذي أبيد كيانه عن بكرة أبيه وبقيت رؤوس شعبه نحو السماء ذاهبة شاخصة الأبصار وسط بلد تمزّق بفعل الطائفية.

قبل قليل فقط بدأت الاتهامات بين حزب الله الشيعي وحزب القواة اللبنانية الماروني وكل يرمي بالتهم ويبرّأ نفسه من دم الأشخاص الذين قتلوا هذا الصباح وقيل في الاعلام أن "مسلحين أطلقوا الرصاص على رؤوس المتظاهرين من فوق الأسطح"،هذا يذكرني بالشرارة الثانية لانطلاق الحرب الأهلية عام 75 أين أطلق مسلحون النار على وفد لبيير الجميل قائد القوات اللبنانية في عين الرمانة فرّدت الميليشيا بقتل فلسطينيين كانوا عائدين من احتفال نظمته الجبهة الشعبية احدى فروع منظمة التحرير الفلسطينية، فانطلقت حرب دامت عامين قسمت على اثرها بيروت إلى بيروت الغربية المسلمة وبيروت الشرقية المسيحية بينهما خطوط التماس أين يعبر الناس من فلقة إلى أخرى كأنهم الغرباء في الوطن لمدة سنة.

المشكلة الأكبر وقتها كانت عسكرة الشعب من قبل الميليشيات المختلفة، ومع مرور الزمن تم دمج الميليشيات في الجيش إلا أن زعماء الطوائف لم يقدروا على كتم رغباتهم الأنانية في الحكم الانفرادي فأصبحت الميليشيات موجودة تحت غطاء غيابها.

لا أحد يريد الحرب في بلده، ولا اريد الحرب في لبنان أو في اي مكان آخر،