شخصا يبدأ يومه بالاستيقاظ باكرا ثم تناول فنجان القهوة الخاص به في البلكون، هذا الشخص يميل إلى تقدير نسبة الأشخاص الذين يفعلون هذا السلوك إلى نسبة أكبر مما عليه بالحقيقة، لأنه بطبيعته ونتيجة للتحيز الذاتي سيميل للاعتقاد بأن أفعاله ومعتقداته منتشرة ويمارسها الكثير.
هذا مثال بسيط يوضح تأثير الإجماع الخاطىء أو الكاذب False Consensus Effect وهو الميل إلى المبالغة في تقدير مدى اتفاق الآخرين مع أفكارنا ومعتقداتنا وحتى سلوكياتنا. وبالتالي نعتقد أن آرائنا ومعتقداتنا شائعة ومناسبة.
هذا الإجماع الخاطىء سائد بشكل كبير في الفرق أو المجموعات، تخيل أنك تعمل ضمن فريق وهذا الفريق بأغلب الأحوال متفقين لا وجود لصوت معارض بينهم، تدريجيا سيظن أعضاء هذا الفريق وأنت واحد منهم أن حتى الشركة أو المجتمع ككل إن تم عرض نفس الموضوع عليهم سيكون لهم نفس الآراء.
حتى بالسلوكيات الفردية، فكوني أحب بسكوتة الآيس كريم بالشوكولاتة، فكنت أعتقد أن هناك الكثير ممن يحبونها مثلي، وكنت استغرب أن هناك من لا يحبها واستغربت أكثر عندما وجدت أن النسبة أكبر مما توقعت.
وربما كان هذا بسبب أن أصدقائي وأقاربي المقربين كانوا يحبونها كما أحب، وهذا جعلني أميل إلى أن الجميع هكذا. وهذا نوعا ما لو قسناه على جميع السلوكيات والمواقف التي نمر بها، سيؤثر بالتأكيد على طريقة تواصلنا بالتأكيد مع الآخرين، بمعنى لو لم يقتصر على الآيس كريم وتعدى لقرار حتمي وتعاملت مع شخص وافترضت موافقته سيكون كل الخطوات التالية مبنية على اعتقاد خاطىء قد يضرني أو يضر الشخص نفسه وبالتأكيد ستتأثر العلاقات بذلك.
يمكننا قياس ذلك أيضا على قراراتنا بالعمل سواء باختيار استراتيجية معينة، أو التوصل لقرار معين، وبالتالي يوضح هذا التأثير نوعًا من التحيز الذي يقع الأفراد فريسة له أثناء تفكيرهم، وبالتالي يشار إليه غالبًا على أنه نوع من التحيز المعرفي مثل العديد من التحيزات التي تناولناها سابقا. هذه مشكلة عندما نفكر في عدد المرات التي نصدر فيها أحكامًا على الآخرين في حياتنا اليومية، إما بشكل خاص داخل أفكارنا أو في المحادثات مع الآخرين. نظرًا لأنه من المحتمل أن تؤثر مثل هذه الأحكام على أفكار غير صحيحة حول هؤلاء الأشخاص، فضلاً عن سلوكنا تجاههم، فيصبح من السهل أن يكون لدينا معتقدات غير صحيحة عن الآخرين ومن ثم ربما نتصرف تجاههم بطرق غير مناسبة.
برأيكم ما هي الأسباب وراء هذا التحيز، وكيف يمكننا تجنبه تماما أثناء عملية صنع القرار؟
التعليقات