قلّبت في عقلي بعضًا من الرسائل التي قرأتها في حياتي، ووجدت أن أول ما تبادر إلى ذهني هو ذلك الشعور بالحميمية. فعندما تقرأ رسالة ما فأنت تستمع إلى حديث خاص في جلسة سرّية، بين اثنين تجمعهما علاقة تجهل في الغالب تفاصيلها، فتبدأ البحث عن هذه التفاصيل في الكلمات ونبرة الحديث. وإذا كانت اللغة وعاء المشاعر والأفكار، فإن لغة الرسالة وعاء شفاف؛ تكاد تهمله، مهما كان جميلًا، ويخترقه بصرك إلى الجوف بحثًا عن المغزى والسبب والمقصِد.
لماذا نحب كتابة الرسائل؟
نحن نحب كتابة الرسائل لأنها جزء مصغّر من المحادثات الإنسانية، تلك المحادثات التي تعد واحدة من أهم سبل التواصل الإنساني بين البشر. لكن أزمتي مع الرسائل أنها في الكثير من الأحيان قد تصبح سلاحًا ذا حدّين بسبب ما قد تحمله من انعدام نتائج، حيث أن الرسائل هي كلمات مكتوبة في النهاية، فإذا لم يتلق المرسل الرد المناسب في الوقت المناسب، أرى أن الرسائل التي كتبها سوف تكون لعنى أبدية وجرحًا لا يندمل أبدًا. ما رأيك في ذلك؟ من هو الشخص المناسب الذي يجب أن نراسله خلال الفترة القادمة؟ أنا لا أطلب اسمًا أو فردًا أو قريبًا، أنا أسأل عن مواصفات ذلك الشخص، نظرًا لأنني أجد كتابة الرسائل مخاطرة كبيرة للغاية إذا ما كانت للشخص غير الصحيح.
أعتقد يا علي حتى رسائل الواتسآب باتت تحمل ذات المشكلة. حين نرسل نصوصًا جامدة فإنها تبقى ضمن دائرة تفسير الشخص المستقبل وحالته النفسية وما إلى ذلك.
أعتقد أن الشخص الصحيح هو من نثق به إلى حد لا تفسده قراءة رسالة جامدة لا روح فيها، أو لا حاجة به إلى رسالة صوتية تشرح أنه المرُسل يخاطبه بكل مودة. ألا ترى ذلك معي؟
الأمر يتعدّى أيضًا مسألة الرسائل الإلكترونية الخبرية الجامدة كما تشيرين إليها يا صديقتي، فما عنيته هو الرسائل الورقية الكلاسيكية التي لا يعني إطارها سوى المعاني المعقّدة بعض الشيء، حيث أن نوعيات الرسائل التي نتبادلها عبر واتسب وماسنجر والتطبيقات المختلفة للمراسلة لا تندرج تحت مسمّى الرسائل المرهفة التي قد نتبادلها ورقيًا على سبيل المثال، والتي تكون حميمية المحتوى بشكل كبير، وتوجّه إلى أحد المقرّبين من الأصدقاء أو العائلة أو المعارف.. إلخ.
التعليقات