جميعنا نعلم بأن التفكير المنطقي والتحليل هو في الأصل علم له أصول وقواعد، لكن أغلبنا ربما لا يعلم بأن الغباء كذلك علم له أسس وتجارب يمكننا تجربتها على أشخاص أو حتى مجتمعات بكاملها لتصبح مجتمعات غبية!
وهناك فرق بين الغباء والجهل، فالجهل يعني أننا لا نمتلك المعلومات، وكلنا جهلاء بمعظم العلوم، فأنا مثلا جاهل بالطب، وغيري جاهل بالهندسة، لكن الغباء يعني عدم القدرة على معالجة هذه المعلومات رغم أنها موجودة لدينا بالفعل، وعدم القدرة على تبين الصواب من الخطأ.
في تجربة شهيرة أجراها علماء النفس على مجموعة من القرود، وضعوهم في قفص ووضعوا لهم موز، وكلما اقترب قرد من الموز قاموا برش باقي القردة بالماء، وتكرر الأمر عدة مرات، حتى أصبحت القردة بنفسها تعاقب من يقترب من الموز، وقاموا بإخراج قرد ووضعوا قرد جديد، وكلما اقترب هذا القرد من الموز تقوم باقي القردة بمعاقبته، وتكرر الأمر حتى أصبحت كامل المجموعة داخل القفص قردة جديدة لم تتعرض أصلا للماء، ولكنها رغم ذلك ظلت تتصرف مثل المجموعة الأولى بلا أي سبب منطقي.
عندما نقرأ القرآن نجد أن كل الأقوام عبر العصور رفضوا دعوة الأنبياء وكان ردهم الشهير "هذا ما وجدنا عليه أبائنا"، أي أن هذا الشخص يعتقد أن الصخرة التي قام بصنعها بنفسه تنفع وتضر وتنظم الكون، هل تعتقدون أن هذا الأمر غير منطقي؟ إذا ماذا لو أخبرتكم أننا في مجتمعاتنا اليوم أصبحنا نفكر بنفس الطريقة، فهناك خرافات نعتبرها مسلمات ولا نقبل النقاش فيها.
من سمات الغباء في مجتمعاتنا هي تسطيح الأمور، والنظر لكل ما يحدث حولنا بنظرة سطحية بشكل أراه مستفزا، كذلك الفوضى الدائمة، فنحن في معظمنا شعوب لا تستطيع العمل بشكل منظم، نحن ننفر من فكرة النظام والترتيب والعمل الجماعي، لقد وصلنا لمرحلة أن الشخص الأكثر إبداعا بالنسبة لنا هو الذي يعمل بشكل مفرد، في حين أنه في الواقع هذا الشخص ليس ذكيا بما يكفي ليتمكن من العمل وسط مجموعة، بل حتى علماء الأحياء يقيسون ذكاء الحيوانات بقدرتها على العمل ضمن مجموعات، والسمة الأكثر غباء من وجهة نظري هي عدم تقبلنا أن نكون على خطأ، وبالتالي نظل مؤمنين بأفكارنا التي ربما تكون غبية ونورثها لأبنائنا فقط لأننا لا نتقبل مناقشة أفكارنا.
في رأيك، كيف تم صناعة هذا الغباء في مجتمعاتنا؟ وما هي السمات الأخرى التي تلاحظها بكثرة في المجتمع من حولك؟؟
التعليقات