لم أكن أتصور يوما أن كروية الأرض يمكن أن تصبح محل نقاش و وجهات نظر إلى أن إطلعت بالصدفة على مجموعة على الفيسبوك تناقش "بشكل علمي" نظرية الأرض المسطحة، في البداية ظننت الأمر مزحة وأنها مجرد مجموعة ساخرة وهزلية، ولكن إتضح أن الأمر أكبر مما تصورت.

إذا أخبرتك أن جدك كان قردا وأنه تحول إلى إنسان فعلى الأرجح ستتهمني بالجنون، إذا ماذا لو أخبرتك أن بعض من العلماء يصدق هذه الخرافة وأنه يتم تدريسها في الأوساط العلمية بإسم نظرية التطور، حينها أعتقد أن رأيك سيختلف تماما، إذن كيف تحولت هذه الخرافة وغيرها من الخرافات إلى علم يتم تدريسه في قاعات المحاضرات ومناقشته بشكل علمي، وهل حقا الكثير من العلماء يصدقون هذه الخرافات؟

في الفيلم الوثائقي "المطرودون" يجري المحامي الأميريكي بينجامين ستاين حوارا مع علماء وباحثين طردوا من وظائفهم ومنعوا من النشر وإلقاء المحاضرات فقط لمجرد أنهم شككوا في نظرية التطور، ومن العلماء الذين قابلهم بينجامين (الدكتور ريتشارد فون ستيفنبرج) خبير علم الأحياء التطوري، والدكتورة (كارولين كروكر) أخصائية علم الأدوية المناعي، والدكتور (مايكل إجنور) خبير علم الأعصاب، والدكتور جواليرمو جونزاليس عالم الفلك، كل هؤلاء وغيرهم طردوا من الأوساط العلمية ومنعت عنهم المنح المخصصة لتمويل أبحاثهم ومعظمهم لم يتم تعيينه في أي جامعة بعدها فقط لمجرد تشكيكهم في صحة نظرية التطور، إذن هل لازلت تصدق أن الكثير من العلماء يصدق نظرية التطور؟!

والأن نأتي لنظرية الأرض المسطحة، رغم أن حقيقة كروية الأرض مثبتة منذ قرون باستخدام علوم الرياضيات والفيزياء وتم إثباتها في العصر الحديث بالرؤية العملية إلا أنك تجد بعضا من مروجي الخرافات يقولون بأن الأرض تشبه طبقا مسطحا محاطا بقبة زجاجية، وأن جميع الصواريخ والأقمار الإصطناعية وسفن الفضاء جميعها مؤامرات لخداعنا وإقناعنا بأن الأرض دائرية، وأصبحت هذه النظرية عقيدة لدى البعض وتنشر فيها الكتب التي تحقق ملايين المبيعات، بل أصبحنا نجد الكثير من المثقفين والكتاب يؤيدون هذه الخرافات ويقيمون لها المؤتمرات التي توصف بأنها علمية!

يعتمد مروجي الخرافات على مجموعة من الإستراتيجيات لإقناع الناس بخرافاتهم، أهمها الإرهاب الفكري كما رأينا في فيلم المطرودون، واستخدام الدعاية الإعلامية الموسعة ونظريات المؤامرات الكونية، وكل هذا يتم استخدامه للتربح من ترويج الخرافات وبيع مئات النسخ من كتب العلوم الزائفة مستغلين في ذلك جهل القراء ورغبتهم في تصديق كل ما هو مثير وغريب.

في رأيك، ما هي أسباب انتشار مثل هذه الخرافات وإعطائها الطابع العلمي؟ وما هي الطرق التي يمكننا من خلالها مواجهة إنتشار مثل هذه الخرافات؟