شاهدت عددا من الحلقات للدكتور إياد قنيبي، والتي من خلالها أراد أن يوضح لماذا نظرية التطور مفروضة من طرف "منظمة العلماء الملحدين المتطرفة المسيطرة على العلم في العالم"وما يدعيه في الحقيقة ليس إلا نوعا آخر من "نظريات" المؤامرة المثيرة للشفقة.

يتضح من كلامه أنه هو ومؤيدي "نظرية" التصميم الذكي والمسيحيين الأمريكيين المحافظين الخلقيين مضطهدون من طرف هذا التنظيم الإلحادي المحتكر للعلم التجريبي، وطبعا يحتكرون جائزة نوبل والمجلات العلمية "الموثوقة".

من بين "أدلته" يذكر أن باحثا (يابانيا حسبما أذكر) نشر ورقة بحثية في مجلة علمية تكرر فيها ذكر اسم الله على شاكلة "الله هو الذي خلق هذا وكان السبب في ذلك"، والنتيجة انزعاج "المنظمة الإلحادية المسيطرة" واعتبار الورقة العلمية "فضيحة" للباحث والمجلة ما أدى إلى حذف البحث.

ومن المؤسف أيضا أن يكون الفيلم الوثائقي "مطرودون" من بين مراجعه التي تحوي "أدلة" على الاضطهاد الإلحادي للخلقيين.

المنهج العلمي

في الحقيقة حسب المنهج العلمي الصارم الحديث (الذي شارك في إنتاجه علماء وفلاسفة عظماء مثل برتراند راسل وهو المنهج العلمي التجريبي الذي يتطور حتى الآن ويعتبر من أعظم إنجازات الحضارة الإنسانية) ما فعله الباحث الياباني "فضيحة"، المشكلة ليست مع الله بل وكثير من الذين اعتبرو الأمر الفضيحة يؤمنون بالله، المشكلة هي إدخال اعتقادات الباحثين في بحوثهم على أساس أنها نتائج نتجت باستخدام المنهج العلمي الحديث، لنتخيل مثلا باحثا مسيحيا يكتب ويكرر في بحثه "بفضل الرب الأب" أو هندوسيا يكتب حينما يكون البحث حول الأبقار "جلالة الأبقار"، أو ملحدا يكتب "وهذا يؤكد عدم وجود الله"، ومثال الياباني هو مثال المؤمن بوجود الله، الأوراق البحثية حينها ستكون فوضى ويختلط العلم بالمعتقدات وهذا لا يخدم المنهج العلمي التجريبي.

فيلم مطرودون

نأتي للفيلم الوثائقي مطرودون وهو فيلم لم أشاهده ولا أنوي ذلك حاليا، وذلك بعد قراءتي لعدة مراجعات حوله، فليس من عادتي مشاهدة الأفلام الرديئة، وأوضح بعض الأسباب "الشخصية" لماذا هو رديء:

تقييم IMDb 3.7 وRotten Tomatoes 11/100 وتقييمات سلبية من العديد من المواقع الموثوقة "بالنسبة لي" وطبعا هذا السبب لن يقنع معتقدي نظريات المؤامرة لأنهم ربما يؤمنون بأن مستخدمي IMDb والقائمين على موقع Rotten Tomatoes وغيره مضطهدون من طرف التنظيم الإلحادي الديكتاتوري ومسيطر على عقولهم من طرفهم.

من المراجعات يتضح لي أن منهج الفيلم يشبه منهج الخلقيين الأمريكيين على اليوتيوب الذين لا أحتمل أسلوبهم، وطبعا منهج "نظريات" المؤامرة التي من بينها الأرض المسطحة، على كل حال من شاهد الفيلم يعطينا رأيه.

الجواب الصحيح

من لم يعجبه منهج العلم التجريبي يأتي لنا بمنهجه ويشذ عن طريق التاريخ ويرجع قرونا إلى الوراء قرون سيطرة الكنيسة ووضعها لنتائج علمها قبل التجارب وقبل المناهج حسب ما تؤمن به.

الجواب الصحيح لعدم أخذك جائزة نوبل أو غيرها من الجوائز العلمية العالمية بخصوص التطور (البيولوجيا التطورية): لأن البيولوجيا التطورية ليست تخصصك ولم تنشر أي بحث "علمي" حول نظرية التطور أو "التصميم الذكي" بالمنهج العلمي التجريبي المفروض عليك حينما تنشر بحوثا في تخصصك الصيدلة.

يا ترى هل يكتب الدكتور بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله حينما ينشر بحوثا في تخصص الصيدلة؟ الجواب: ربما لا، لأنه مضطهد.

لكن يبقى السؤال لماذا يظن نفسه قادرا على أخذ جائزة نوبل بسبب ترجمته للعربية في اليوتيوب لاجتهادات الخلقيين الأمريكيين التي تفتقر للموضوعية والمنهج حول التطور وأنه عاجز عن كتابة بحوث تنسف التطور، يعني لماذا لا يستخدم أسلوبه في الصيدلة؟

ملاحظة أخيرة: الدكتور إياد قنيبي لم يطرد من المجتمع العلمي بسبب ما ينشره في قناته على اليوتيوب (حسبما أظن مازال ينشر بحوثا علمية في الصيدلة)، نتمنى أن لا تنتبه المنظمة المضطهدة لما ينشره.