يقول الكاتب شريف محمد جابر:

الاستسهال مرض خطير، والجهد بناء الإنسان.

تستسهل.. فتركب سيارتك أو دراجتك الكهربائية أو المواصلات لتقضي غرضا قريبا، تتراكم هذه "الاستسهالات" فينمو مكانها كرشٌ ضارٌ بصحتك ومظهرك.

تستسهل.. ولا ترغب ببذل الجهد في الحديث مع أطفالك والاهتمام بهم وتنمية فكرهم وإحساسهم وآفاقهم، فتتركهم للحياة كي تربيهم، وتظن أنك بإنفاقك عليهم وإدخالهم المدارس تؤدي ما كلفك الله به من واجب التربية، فيخيب ظنّك وينشؤون على خلاف ما رغبت من فلاح؛ لأنك استسهلت ولم تبذل جهدا.

تستسهل.. فلا تقرأ، وتطلب السهل القصير والمرئيّ الطريف، ظانا بأنك ستحصّل بذلك ما يمكن تحصيله بالقراءة الكثيفة المطوّلة المرهقة.. ولكن هذا الاستسهال يفعل فعله القبيح في تضاريس عقلك، فيظل فارغا كالطبل خفيفا كالريش، تأخذه كلمة تافهة وتعشش في ثناياه فكرة سطحية!

تستسهل.. فيغيب عقلك وقلبك وتنتفش نفسُك وشهواتها، فتتحول إلى خادم لها، وتغدو أسيرا لديها لأنك استسهلت فركبتكَ وصرت عبدًا لها، ولو أنّك بذلت جهدا وتحاملت على نفسك وعقَلتها بلجام العلم والتزكية وسلكت مسالك النجباء صرت أسعد السعداء.

يا هذا لا تستسهل! فإنّ الاستسهال نكبة عقلك وقلبك ومحو إنسيّتك، وفي الجهد حياة عقلك وقلبك وتحقيق إنسيّتك.

يا هذا لا تستسهل! فإنّ الاستسهال قبرك الذي تخيطه في حياتك وموتك البطيء قبل انقطاع أنفاسك!