الكتابة ليست مهنة ما لا مهنة له لأن إطلاق كلمة كاتب ليست بالشيء اليسير . ربما لأن الصحافة هي التي حملت الأمور أكثر مما تحتمل . وذلك لأن الصحافة تحوي الكثير من المجالات وهناك فارق كبير بين مجال الصحافة والكتابة لأن هناك صحافة الصورة والخبر والتحقيق وكذلك يوجد صحافة الحوارات والاستقصاءات ؛ولهذا اقتحم مجال الصحافة عدد كبير من المهن المتنوعة ، وهذا لا يعني أن هؤلاء كتاب ولكنهم يمتلكون القدرة على استكشاف المعلومات والوصول إلى الحقيقة بأسرع الوسائل ولهذا فإن الجرائد والمواقع الإلكترونية في حاجة دائمة إليهم . وهم يؤدون مهام عسيرة ومحددة مقابل أجر محدد .
المعضلة في الصحافة أن الحاجة إلى مستكشفي الأخبار والمسوقين الإعلانيين أصبحت في العصر الحالي تطغى على الحاجة إلى المواهب والكتاب الحقيقيين لأن المادة والمال هزمت الكتاب وانتهى عهد المكتبات وشراء الجرائد والكتب . فالإنترنت حذف التراث الاصيل ليستبدله بنماذج ممسوخة ليست مثل الكتاب ولا هي مثل الصور ولكنها موديلات ماسخة لأن الكتاب المطبوع على النت رغم ضآلة تكلفته إلا أنه بلا روح أو شكل . وكذلك الموقع الإلكتروني للجريدة ليس مثل الجريدة الورقية ولكن يبقى الرابط المشترك في المعاني التي تصل من خلال الموضوعات التي يتناولها الكتاب.
لقد أصبح الكتاب المبدعين في حيرة من أمرهم لأن الصحافة أصبحت مهنة ما لا مهنة له لكن الكتابة لآ يمكن أن تكون كذلك ويستحيل أن يضعها المجتمع في سجن المهن التجارية والأكاديمية لأن الكتابة شيء آخر.
الكتابة مثل الذهب يلمع وتزيد قيمته دائما كلما حافظنا عليه وقت أطول و وضعناه في خزينة خاصة. وهي لآ تتبع نقابة ولآ رئيس عمل يحركها . وهي لم ولن تكن شهادة جامعية نعلقها . الكتابة حرة من كل القيود ولا سلطان عليها إلا الهام صاحبها وإبداعه . ولهذا كان عباس العقاد أستاذا ومعلما في الأدب وقد عجز الكثيرين من الكتاب في مجاراته والوصول إلى مكانته رغم حصول بعضهم على الشهادات الأكاديمية العليا والمناصب والعقاد لم يكمل تعليمه فقد حصل فقط على الشهادة الابتدائية لعدم وجود مدارس حديثة في بلده أسوان و معاناة أسرته من الفقر ولكن قلمه يقطر حريرا . أما عميد الأدب العربي طه حسين فقد حصل على أعلى مكانة ليس لحصوله على شهادة أو سفره باريس ولكنه قلمه وصوته المتميز في الخطابة والحوار.
أذا أردت أن تصل اليوم إلى مكانة متميزة ككاتب أو مدون فإن المسألة شديدة الصعوبة والتعقيد لأن الأعداد المتسلقة كثيرة من موهوبين وغير موهوبين لأن اليوم يختلف كثيرا عن الامس ومن يقول اليوم كلمة تافهة تجد جموع الناس تستمع إليه ليس لعبقريته ولكنه يجلب الأخبار الساخنة والحوادث القائمة . وذلك ليس غريبا في عصر الصورة ولكن العجيب في اندهاشك ويأسك من كل هذا لأن الحل يكمن في يدك أنت في اختيارك أن تحاول كثيرا أن تدمج الكتابة مع الأخبار وأن تعصر على أنفك بعض الليمون بأن تمارس التسويق الإعلاني مع الكتابة وفي النهاية فإن النجاح والفشل هو قدر والإيمان بقدر الله هو نجاتك في الحياة.
التعليقات