منذ يومين كنت على موعد مع طبيبي الذي تخلفت عن مواعيده لمدة 6 أشهر تقريبا لأني كنت أعدو خلف تعويض الفجوة المهنية والمعرفية في حياتي على طريق الدمام الأحساء يوميا لأتسامر مع حلقات البودكاست واستمتع بمنظر الصحراء وسحر الجبال التي تحمي الأحساء وتودعني كل يوم بحصن الرحمن.
التقيته واشتكيت له تخلفي عن جدولي الصحي والرياضي لضغوط الحياة الشديدة ونمطها الذي يعطلني عن أهدافي الصحية. لم أتوقع ردة فعله حين قال لي يا مريم كلانا أنا وأنت في نفس الطريق الصحراوي نجلس على هذا الكرسي دون حركة في ساعات العمل أو الدراسة بالإضافة إلى ساعات الطريق التي تمتد إلى 4 ساعات باليوم وهذا ما يؤثر على صحتنا وعلى جدولنا الرياضي وأنا كمصاب بالسكر لذا ف لأكن واضحا وصريحا حين أقول لك إنني قررت أن أستقيل:)
لم أستطع الرد حقيقة من المفاجئة بغض النظر أنني كشخصية تميل الناس للفضفضة لها كنت قد جئت لأفضفض وأذهب لأجد نفسي مستمعة لأعراض محترق وظيفي بامتياز لدرجة أنه يصارح مراجعته العتيدة بأنه لم يعد يحتمل حياته وأنه تقاتل بالأمس مع زوجته وأبنائه وأنه سيستقيل.
عبرت له أنني فعليا متفهمة لوضعه واعلم حقيقة أن نمط حياتي على الأقل سينتهي بعد شهر ونصف لكن نمط حياته لن ينتهي إلا بحلول لمعالجة هذا النمط المجهد.الاستقالة في نظر المحترق وظيفيا قد يكون حلا وسيرتاح لفترة لكنه سيكلفه الكثير حتى أن وجد وظيفة أخرى قريبة من منزله لكنه سيخسر نفسه التي أبدع فيها في مكان عمله الحالي وأثره الذي أحدثه على مجموعة كبيرة من المراجعين الذي حقق النجاحات معهم كشخصية مؤثرة في حياتهم.
أعطاني طبيبي نصيحة جوهرية قال لي مريم تعلمين أمرا مهما من تجربتي ومن قراراتي كوني أنانية لم نهدر أعمارنا وصحتنا في وظائف أو غيره قولي "..." لكل شيء يقف في وجه أهدافك وصحتك كل شيء يستطيع أن ينتظرك ويجب أن يحترم الجميع بما فيهم عملك ودراستك وقتك الخاص.رنت كلماته برأسي وبغض النظر عن التطبيق الذي وضعت له جدولا من ضمنها الكتابة كما أفعل الآن إلا أني طرحت السؤال
"(هل هو واقعي أن الأطباء هم أكثر الوظائف احتراقا؟ ولم؟ ما لا سباب؟)"
واقع الأمر أني حين كنت أستمع لحديث الطبيب لم أكن أستمع بأذن المراجعة بل بأذن إخصائية الموارد البشرية دون أن أفصح له عن تخصصي لأني على يقين أنه كمحترق وظيفي منفعل حاليا لأسباب مهنية لا بد من أن يكون لإدارة الموارد دور غثيث فيها فلن أكون في عينيه إلا امتداد لبني القينقاع! D:
قضيت يومي بالقراءة حول مدى صحة استفساري وقرأت دراسات متعددة ومنها دراسة قالت التالي:
(أجريت دراسة في الرياض بالقطاع الصحي على عينة من (الأطباء، والممرضين والأخصائيين، والصيادلة) بلغ عددها (1174) فرداً من الجنسين، وأظهرت نتائجها أن 80% من العاملين في القطاع الصحي يعانون من الاحتراق الوظيفي بدرجات متفاوتة، كما أظهرت الدراسة أن الإناث أكثر عرضة من الذكور في الإصابة بالاحتراق الوظيفي، وأن 33% من الأفراد المشاركين في الدراسة فكروا في الانسحاب من القطاع الصحي. (الحربي ، 2022).)
تحاورت مع اختي الدكتورة نرجس Narjes Alramadhan حول استفهامي هل فعلا الأطباء محترقين وما العوامل التي تؤدي لصاحب أشرف مهنة لدخوله بدوامة الإحباط والاحتراق الوظيفي
كان فجوى أجابتها بأنه أي نعم ...الأطباء محترقين بكثرة وذلك لعوامل كثيرة نستطيع تلخيصها بالتالي
1- درجة تعقيد وصعوبة التخصص
2- ساعات العمل الطويلة التي تمتد ل12 ساعة أو أكثر
3- درجة المسؤولية ونسبة خطورة الأخطاء
4- الصدمات النفسية المترافقة مع ما ذكر أعلاه بالإضافة لأهم نقطة جوهرية
5- الاهم والمهم هو الاستشاري والمدير المباشر المسؤول عن الطبيب واسلوبه وطريقته الإدارية هو عامل مؤثر على تخفيف أو تشديد الاحتراق!
خلصت لواقع الحقيقة التي نتبناها كأخصائيين الموارد البشرية أن المدير المباشر مسؤول بنسبة أقول أنها تزيد عن 80 % في تحسين جودة العمل وفي تدميرها على حد سواء
لذا أجد من اهم أدوار أدارة الموارد البشرية في تخفيف وطئه هذا الاحتراق في دراستها ووضع سياسات والإجراءات لحماية الموظفين من شر لابد منه ومتعلق بحجم عبء العمل مثل سياسات العمل المرن وبرامج رعاية صحية خاصة تساعد على التوعية والدعم للموظفين والأطباء بشكل خاص وهذا ما علمته من الدكتورة نرجس أن وزارة الصحة وضعت خطا ساخنا وعاجلا للأطباء لمساعدتهم على تجاوز ومعالجة هذا الضغط
والأهم أيضا (تدريب وتوعية المديرين) على أساليب القيادة التحفيزية التي تتبنى تزويد المديرين بمهارات التواصل والتأثير الفعال ومنها مهارات للكوتشنج ليكون قادرا على مساعدة موظفيه على تخطي الاحتراق وإنشاء بيئة عمل صحية وإيجابية.
وننصح طبيبي وكل محترق بالتالي:-
- فكرة الاستقالة يا صديقي ليس الحل بل مجرد مهدئ ستندم بعدها فأزلها من رأسك
- حافظ على التوازن بين عملك ومنزلك وفوض المسؤوليات في حياتك الشخصية
- نام بشكل كاف قدر المستطاع
- مارس الرياضة ولو بشكل متقطع ليس من الضروري أن تكون متواصلة
- أخيرا أطلب المساعدة يا صديقي... اطلب المساعدة
مريم HR
التعليقات