انا احب الكتابة ووصف المشاهد والمشاعر جدا ولكني لا اعرف كيف اوجه هذه الملكة لكتابة رواية وهذا المشهد من كتابتي ارجو المساعدة:
شاءت الأقدار أن يتقاطع مساري ومسار سيدة تجاوزت العقد الخامس من عمرها، يبدو علي هيئتها البساطة الشديدة - والبساطة المقصودة هنا ليست الفقر ولكنها السجية والفطرة البسيطة - ملامحها تخبر أنها من أهل الصعيد، بشرتها سمراء مختلطة الدرجات قد تركت الشمس آثاراً تراكمت وأُهملت طويلاً لتبرز شقاء وكدح تلك السيدة، عيناها سوداوان، لها أهداب كثيفة حتي بدت وكأنها مكحولة، ثغرها يرسم ابتسامة خفيفة تضفي على ملامحها شعور الرضا وكأن ذلك المبسم لم يعبس أبداً، لها وجه دائري كشكل هندسي رسم بدقة شديدة .. فقط يعيق إكتماله وشاحها الأسود، صوتها مرتفع ونبرته حادة بعض الشيء أولدت انطباعاً لدي عن مكنون تلك السيدة من شجاعة وثقة بالنفس وقوة الشخصية.
فما أن استطردت في حديثها - مع تلك التي كانت تجلس قبالتها - حتي بدأت تستخدم يدها في الحديث، وبرغم أنني لا أحب إستخدام اليدين اثناء التحدث ولكن كان لها أسلوب مختلف أعتقد أنني لو كنت علي دراية بعلم النفس ولغة الجسد لكنت استرسلت في تحليل تلك الشخصية الملهمة …. ولكن ما لفت انتباهي حينها شدة جفاف كفيها وتشققها مما أثار فضولي عن نتاج تلك السواعد الشريفة فهي حتماً يد يحبها الله رسوله.
سمعت حديثاً لأرملة لها أربع أبناء، توفي والدهم وكبيرتهم ذات سبعة أعوام، ذكرت اسمائهم جميعاً عدا تلك الأبنة الكبيرة كان لقبها بينهم "الدكتورة" فقط … كانت تقول كلمة الدكتورة بفخر شديد وكأنها أولي حصاد رحلتها الشاقة … سمعت حديثاً طويلاً جعل دموعي تنسال خِلسة إحتراماً وتقديراً لذاتها.
ما ميز ذلك الحديث الرائع جملة جعلتني أرفع رأسي إليها ثانيةً بنظرة غارقة بالإعجاب ولم إشيح وجهي حتي تأكدت أنها استلمت تحية إعجاب من عيناي - سمعت جملة عميقة من امرأة اخطأتُ -أنا- في أول وصف نسبته إليها "البساطة" … فقد قالت في وصف بنتها الدكتورة تلك … هي "حلمي" "كان نفسي اتعلم وكنت اتخيل نفسي اذا اتعلمت مش كان فاتني عرفت اعيشهم أحسن من كده بعد ما بقوا أيتام … اتعلمت هي وبقت دكتورة شاطرة اوي بتذاكر كل يوم للصبح لحد دلوقتي … كان نفسي يبقي معايا مرتب ثابت كل أول شهر ابقي متكلة عليه … هي بقي معاها … كنت أبص للستات الي بتسوق واضحك واقول لو سقت عربية هعمل إيه وأروح فين هي طلعت رخصة الشهر الي فات …"
انتهي تقاطع مسارنا حينها ليته دام أكثر ولكن ذهبت أنا ولم تذهب هي من ذاكرتي، فلم أعلم بقية الأحلام التي تحققت ب "الدكتورة" ولكني علمت أن ضيق ذات اليد لا يؤثر علي ثراء النفس والروح والعقل .. وأن الرضا هو إقليد الرزق
التعليقات