طائر أبيض

كان السحاب يغطي السماء والرياح تضرب النوافذ بين مفتقد لمنزله وبين مهرول إليه .

حينها شعر بولادة ذلك الوحش بين ثناياه ،ليتملكه الفزع والجوع والنشوة ،فأخذ يبني القلاع والأسوار ويُقيد السلاسل، ولكنه كان يطعمه بين الحين والأخر في غفلة من الآخرين .

وفي كل ليلة باردة تشبه ليلة ولادته كان صوته يدوي المكان فيشعر بوجوده الآخرون ولكنه يظل يماطل مقتنعًا أن الجميع جاهلٌ به .فإذا ضلوعه تنفرج وتتقوس مكونة جناحين من ريش شديد البياض لتتحطم السلاسل وتنقسم الأسوار ،فيجوب السماء ويرى الجبال والبحار ،ويسمع غناء الجداول .ليستكين فوق صخرة على النهر وتأخذ مخالبه تختفي رويداً ،ويتقلص حجمه، ليصير طائراً شديد البياض ومنذ ذلك الوقت ينام تاركاً باب قلبه لطائره الأبيض لعله يأتي ليحتمي في ليلة من برد الشتاء أو يغلبه الشوق ويأتي لزيارته في إحدى الليالي .