كل الناس ترغب في الحصول على المال، ولكنها لا تعرف ما هي قواعده وكيفية الوصول إلى الثراء المالي. الجميع يطلب .. الجميع يتمنى، ولكن قلة قليلة فقط هي ما تحصل على ما تتمناه. فما السر وراء هذه الفئة؟

يذكر روبرت كايوساكي في كتابه (التدفقات النقدية للأب الغني) – غالبًا هو الجزء الثاني من سلسلة الأب الغني الأب الفقير – على لسان أحد الأثرياء:

"من السهل أن تصبح ثريًا. الأمر فقط يحتاج إلى الصبر. ولأن أغلب الناس يبحثون دائمًا عن المتعة والتسلية، فينفقون كل ما يربحون بحثًا عن تلك المتعة، ولا يلتزمون بقواعد الثراء، فلا يصل منهم إلى الثراء إلا أقل القليل"

فما هي قواعد الثراء؟

من واقع قراءاتي للكتب التي تتحدث عن صناعة الثروة، تقريبًا جميعها أجمع على بعض القواعد الرئيسية التي يجب الالتزام بها، إذا رغبت في تحقيق الثراء المادي والاستقلال المالي يومًا ما:

1. الالتزام بالادخار

جميع الكتب أجمعت على الإدخار. جورج كلاسون في كتاب أغنى رجل في بابل، وبراين تريسي في كتابيه كيف تصبح ثريًا بطريقتك الخاصة، وارسم مستقبلك بنفسك، نصحا بأن يقتطع الإنسان 10% من أي دخل يصل إليه، بغرض الاستثمار، ويطوّع حياته للمعيشة بالـ 90% الباقية. ويؤكدا على أن الـ 90% كافية للغاية، وربما تزيد كذلك، إذا استطاع الإنسان برمجة نفسه على ذلك.

وبالطبع يضيفا أنه كلما زاد الإنسان نسبة الادخار عن 10% كلما كان أفضل. فبالتأكيد ادّخار 15، 20، أو حتى 25% من دخلك كل شهر أفضل، ويجعل رحلة الوصول إلى الثراء أقصر.

2. البحث عن فرص استثمارية آمنة

المال المُدّخر بحاجة إلى استثمار. هذه هي القاعدة الثانية. ولكن الشرط الرئيسي لهذه القاعدة هو أن يكون الاستثمار آمنًا. يرى براين تريسي أنه من الحماقة أن يتم استثمار كل ما ادخرته من مال في فرصة استثمارية غير مأمونة العواقب، أو احتمال فشلها يساوي احتمال نجاحها. هذا تصرف غير حكيم على الإطلاق وخاصة أنك استغرقت وقتًا طويلاً في جمع هذا المال بادّخار جزءًا من راتبك الأساسي.

ينصح بالكثير من الطرق المشهورة في أمريكا لاستثمار المال بشكل آمن، مثل السندات الحكومية الآمنة، والصناديق الاستثمارية التعاونية، والودائع البنكية ذات معدل الفائدة الثابت حتى لو كان قليلاً. (بالطبع تريسي يتحدث عن عموم الأمريكان وليس عن المسلمين. بالنسبة لنا – حسب العقيدة الإسلامية – تعتبر مثل هذه الأفكار الاستثمارية مخالفة للشريعة الإسلامية لأنها تقع أسفل بند الربا. إنما ذكرتها للتوضيح فحسب).

أي أن الخطوة التالية هي التأكد من فعالية الاستثمار وأمنه، والبعد به عن شبهات الحرام حسب عقيدتك، ثم البدء باستثمار جزء – وليس كل – المبلغ المدخر. الجميع ينصح بألا يتم استثمار المبلغ بأكمله. يجب أن يكون هناك مال دائم بحقيبتك الادخارية، كما سيتم التوضيح في البند السابع.

3. التخلص من الديون أولاً بأول

الديون مسمار يدق نعش أي ثري. دونالد ترامب كاد أن يُشهر إفلاسه أكثر من مرة بسبب الديون، لولا عبقريته المالية، وحسن قنصه للفرص. (لا شأن لهذا بالطبع بعبقريته في رئاسة أمريكا)

ينصح كلاسون وتريسي نفس النصيحة تقريبًا. وهو أنه كما خصصت جزءًا من راتبك للادخار، فمن المفضل كذلك تخصيص جزءًا آخر لسداد الديون، وليكن مثلا 20%. والنسبة هنا أكبر لأن الديون قد تكون مرتبطة بميقات زمني محدد، ومن ثم ينبغي التخلص منها أولاً بأول، حتى لا تثقل ظهرك مستقبلاً.

أسوأ أنواع الديون على الإطلاق، هي القروض البنكية، والرهون العقارية (هذا رأي تريسي وهو لا يعلم شيئًا عن تحريم الربا بالمناسبة).

4. اختيار تخصص مهني والتمكن منه

ليس معنى خوضك رحلة الثراء، إهمال تخصصك المهني. بل بالعكس، قد يكون تخصصك المهني هو أحد الطرق التي تصبح بها ثريًا. يذكر بول ماكينا في كتابة (أستطيع أن أجعلك غنيًا) أنه ينبغي عليك أن تكون أحد أفضل الأشخاص في مهنتك على مستوى قطاع الأعمال الذي تعمل به. وأن الثراء الحقيقي يبدأ من براعتك المهنية.

بينما يقول يذكر تريسي أن الإنفاق على التعليم بسخاء يعتبر أحد أهم وسائل الثراء. لا تكتف بشهادتك الجامعية، وانما احرص على حضور دورات تعليمية وتثقيفية بمجالك المهني، وأنفق على التعليم بدون خوف، فهو أفضل استثمار على الإطلاقز فسيؤهلك مستواك العلمي المرتفع للالتحاق بأحد الشركات الكبرى، وتحصل نظير ذلك على راتب ضخم، وقد تترقى عامًا بعد عام، وبسبب نشاطك وإخلاصك في العمل، سيرتفع راتبك، وستتمكن من نيل حصة من أسهم الشركة، وبالتالي تتحول فعليًا إلى شخص يعمل في شركته، ويجني – بجانب راتبه – أرباحه السنوية من أسهم الشركة. وذكر مثال على ذلك بمدير شركة ديزني الأسبق مايكل إزنر Michael Eisner الذي كان راتبه السنوي يُقدر بـ 150 مليون دولار (أي نحو نصف مليون دولار يوميًا). بل حتى المدير الحالي لديزني روبرت ألين إيجر Robert Allen Iger يتقاضى سنويًا أكثر من 44 مليون دولار.

نعم .. التخصص المهني إذا كان متميزًا يتيح لصاحبه الالتحاق بشركة كبرى، والحصول على راتب مليوني بالإضافة إلى الامتيازات الضخمة التي تصاحب هذه الوظيفة.

5. التوسع في تخصصك المهني

يُقصد بالتوسع المهني هو عدم الركون إلى الوظيفة كوظيفة للأبد. فحتى لو كنت ميالًا إلى الوظيفة لما بها من استقرار وأمان، ينبغي عليك التفكير في النمو. ستظل تحصل على راتبك فقط طالما كنت موظفًا، ولكن إذا فكّرت ف التوسع، فستحصل على الكثير.

فإذا استطعت أن تبني شركة في تخصصك من خبرتك، فبها. وإن لم تستطع نوّع مصادر دخلك، كما سيتضح من الخطوة التالية.

6. تنويع مصادر الدخل

القاعدة الشهيرة: لا تضع البيض كله في سلة واحدة

كل شيء معرض للخطر بسبب أي تغير طارئ غير محسوب. كان لي صديق يعمل في بورصة العملات Forex واستطاع بناء شركته من خلال استقطاب شركاء لاستثمار أموالهم معه، واقتسام المكسب. استطاع في السنوات الأولى تحقيق مكاسب جيدة مكنته من بناء بزنس قوي لمؤسسته، وتكبير حجم اسمها، ولكن بسبب تقلبات السوق المفاجئة المرتبطة بالأحداث السياسية، تعرض لخسارة ضخمة – بلغت مليون دولار – وخسر كل أمواله في لحظة واحدة، وكذا أموال الشركاء. أعرف صديق آخر استثمر معه في مشروعه 2000$ لم يحصل منهم على سنت واحد، لا أرباح ولا حتى من أصل المبلغ.

لا تضع كل أموالك في مشروع واحد .. ابحث عن أكثر من مشروع، واستثمر فيه. كلما زاد عدد المشاريع التي تستثمر فيها، كلما زاد معدل الأمان المالي الخاص بك.

7. توفير احتياطي نقدي دائم

بالعودة إلى المثال السابق – الخاص بصديقي الذي كان يعمل في الفوركس – كان من الصعوبة بمكان سحب رأس المال أو حتى جزء من الأرباح. سحب الأموال يتم في مواقيت قفل معين ولا يصلح استعجال هذه المواقيت. بل ذات مرة طلبت إغلاق حسابي بالكامل، فطلبوا مني الانتظار حتى لحظة الإقفال، وإلا خسرت جزء كبير من أموالي. وانتظرت أكثر من شهر ونصف حتى تمكنت من سحب أموالي.

القصد .. كنت في حاجة شديدة إلى السيولة النقدية، ولم توفر لي هذه الوسيلة الاستثمارية هذا الخيار، ومن ثم رأيت أنها غير مناسبة لي كمشروع استثماري. هذا أولاً

ثانيًا: كان عليّ التفكير في هذه المعضلة، والعمل على عدم تكرارها. لذلك، ينبغي توفير احتياطي نقدي دائم لأي مستجدات تحدث في حياتك. أيًا كانت: ظروف شخصية، مرض، سفر، أجازة، فرصة استثمارية أخرى، أو أي شيء آخر. ينبغي أن يكون لديك احتياطي نقدي دائم، بحيث لا تضطر إلى تدمير أحد مشاريعك الاستثمارية بسبب حاجتك إلى المال، أو إلى الاستدانة، والتي هي مرفوضة جملة وتفصيلاً.

هذا ما تمكنت من استخلاصه، ووجدت جزءًا كبيرًا منه يمس الحقيقة بشكل كبير حسب تجربتي وملاحظاتي .. ألديك المزيد لتضيفه؟