الكاتب الأوروغوياني ماريو بينيديتي (Mario Benedetti) كتب قصة قصيرة جدًا بعنوان El Otro Yo أو «ذاتي الأخرى»، تتناول هذه الفكرة بالضبط: الصراع بين الشخص العادي الذي يعيشه المرء كل يوم، و"ذاته الأخرى" الكامنة في داخله…
القصة تروي حكاية شاب عادي جدًا يُدعى أرماندو. لم يكن فيه ما يميّزه، لكن في داخله شخصية أخرى: "الأنا الأخرى". كانت حساسة، رومانسية، تحب الشعر والموسيقى، وتفكر في القضايا الوجودية. كان أرماندو يراها عبئًا لأنها تجعله غريبًا أمام أصدقائه وغير قادر على أن يعيش ببساطة مثلهم. وفي يوم ما قررت "ذاته الأخرى" أن تنتحر بعد أن ضاق بها ذرعًا وهاجمها بشدة.
اعتقد أرماندو أنّه بذلك أصبح حرًّا، يعيش كما يشاء من دون ذاته الداخلية التي كانت تضايقه. لكن المفاجأة أنّه من دون "ذاته الأخرى"، لم يعد الناس يلاحظونه… وكأنّه مات هو أيضًا معها.
وقد اختُتمت القصة بجملة مؤثرة:
"Pero no pudo sentir auténtica melancolía, porque toda la melancolía se la había llevado el Otro Yo"
«لكنه لم يستطع أن يشعر بالكآبة الحقيقية، لأن ذاته الأخرى سبق أن سلبت منه الكآبة كلها».
تُخبرنا القصة ببساطة أنّ كل واحد منّا يحمل جانبًا خفيًا، "ذاتًا أخرى" قد نعدّها عبئًا، لكنها في الحقيقة مصدر الإحساس والعمق. ومن دونها، قد تصبح حياتنا ناقصة أو حتى بلا معنى.
فهل تظن أنّه إذا اختفت ذاتك الأخرى… ستكون أكثر حرية، أم ستفقد أهم ما يجعلك إنسانًا حقيقيًا؟
التعليقات