إنّ من يسيطر على الكتاب، يزرع في العقول ما لا يمكن للسلاح أن يفرضه بالقوة."
منذ اختراع الكتابة، ظلت الكتب أداة جبّارة في تشكيل وعي الإنسان، وتحريك الشعوب، وهدم أنظمة، وبناء حضارات. فهل نحن نُدرك فعلاً إلى أي مدى أثّرت الكتب في تغيير مجرى التاريخ الإنساني؟ وهل لا تزال تحمل هذا التأثير اليوم، في عالم تحكمه الشاشات والسرعة؟
كتاب "العقد الاجتماعي" للفيلسوف جان جاك روسو لم يكن مجرد كتاب نظري، بل كان شرارةً أشعلت الثورة الفرنسية. فقد مهّد لفكرة أن السلطة تنبع من إرادة الشعب، وليس من الملك أو الكنيسة.
في أمريكا، أثّر كتاب "كوخ العم توم" لهارييت بيتشر ستو على مشاعر ملايين الأمريكيين، وحرّك الرأي العام ضد العبودية، حتى أن الرئيس لينكولن قال لها: "إذن أنتِ السيدة الصغيرة التي بدأت هذه الحرب الكبيرة."
كتاب "مقدمة ابن خلدون" لم يكن مجرد دراسة في التاريخ والاجتماع، بل أسّس علم الاجتماع قبل أن يولد أوغست كونت بمئات السنين، وهو اليوم يُدرّس في أرقى الجامعات العالمية.
في العصر الحديث، ساعدت الكتب مثل "فن اللامبالاة" و"الأب الغني والأب الفقير" الملايين على إعادة النظر في مفاهيم النجاح والمال والحياة.
الكتب ليست مجرد صفحات جامدة بل كائنات حية تنمو داخل الوعي الإنساني، تتكاثر بالفكر، وتُورِّث القيم والرؤى. القراءة ليست ترفًا، بل ضرورة في تشكيل إنسان حر، ناقد، ومستنير.
لكن في عصر السوشيال ميديا، هل ما زالت الكتب تحتفظ بقيمتها؟ هل لدينا الصبر لنخوض رحلة فكرية بين دفتي كتاب، أم أن الثقافة أصبحت "وجبة سريعة" نتناولها من خلال فيديو مدته 60 ثانية؟
التعليقات