عاش ميدوس في فترات من الظلم حتى جاءت تلك الليله الملبدة بالغيوم التى تخفى القمر الدموى ،لتصبغ الغيوم بالون الاحمر القاتم ،تتساقط قطرات الأمطار فى شوارع مدينه الموتى المظلمة لتملئ أراضيها بالمياه لتصبح اسوء الليالي في عمره.
حينما ذهب الى الشارع ليعثر على شيء يأكله في صناديق القمامه بعد أن اشتد به جوعه ،نرى فى هذا الشارع كل اماكن البيع مغلقة ماعدا ذلك الحانوت الذى كان يبيع لرجل يلبس ملابس الامراء أو اصحاب العائلات القريبة من الحاكم، عند النظر بدقة الى ذلك الرجل نجده ذو جسد بدين، ويمسك فى يده مظلة تعكس بريق الأغنياء وفى جانبه سيف منصع بالأحجار الكريمة كان هذا الرجل يدعى (ايزن).
نلاحظ (ميدوس) الذى يبحث فى صناديق القمامه أن هناك رائحة طيبه تتسلل إلى انفه من مكان بالقرب منه يرفع راسه بيأس، ويشاهد الخبز الذى مع الرجل الثري، ننصت لأصوات بطن (ميدوس) التى لا تصمت من شدة الجوع ،ولعابه الذى بدأ يسيل .
يترك المكان الذى كان ينقيب به عن الطعام ، ويذهب راكضا خلفه، عندما يكاد يصل الى (ايزن) يحاول ان يقفز حتى يمسك به ولكنه يسقط خلفه، بسبب ضعف بنيته مما جعلته مركز لسخريه من الجميع ،ذلك بسبب شدة عدم اكله لشيء ويأسه من الحياة .
يمسك بزيل ملابسه، لنلاحظ تعابير الحزن واليأس فى عينيه، وهو جاثم على ركبتيه خلفه وممسك بثيابه.
يترجاه (ميدوس):ارجوك يا سيدى اعطنى قطعه من الخبز الذى معك وسأفعل كل ما تريده.
يستدير له (ايزن)، ينظر له باستحقار،وتتحول ملامح وجهه من الاستمتاع بنغمات تساقط الأمطار الى الغضب بعد ان امسك ذلك الغلام باطراف ملابسه ليركله بعيدا عنه.
يصيح فى وجهه قائلا: ماذا تفعل ايه الوغد القذر إلا تعلم من انا.
يمسك بالحجارة حتى يقذف بها هذا الفتى الذى تجرأ على أن يلمسه، نرى الغلام يرفع يديه على وجهه فى محاوله يأس حتى لا تصيبه أية حجاره؛ مما يجعله ما يحدث له.
يسأل نفسه فى حالة من الغضب: لماذا يحدث هذا لي؟
نلاحظ سيلان الدماء واندماج هم بمياه المطر الساقط بغزاره على كلتا يدى (ميدوس)، والرجل الثرى يبتسم عند رأيت دماء هذا المتشرد تمتزج مع المياه المتساقطة ،نشاهد أن إحدى الحجارة تصيب رأسه لتخرج الدماء كنافورة، تسيل على رأسه، يشعر بأن هناك شيء بارد على وجهه ،قبل أن يرفع يده، يسقط جسده على الماء فاقد الوعى، بعد فتره من سقوط جسده يقترب صاحب السلة منه ببطء مستمعا بلون الماء الاحمر على الأرض ،حتى يتأكد من أن هذا اللعين على خطى الموت.
يستدير قائلا :أصبحت الكلاب تتجرأ على ان تنبح فى وجوه أسيادها .
تستيقظ فى تلك الظروف المليء بالظلم والامطار التى تخفى صوت الظالم عن اذان الناس حتى يستمر بظلمه، تشتعل نيران سوداء بداخل جسد (ميدوس) لتتوغل إلى أطراف جسده حتى تصل إلى قلبه وتغلفه، تزداد حرارة جسده حتى يتبخر كل الماء حول جسده ،عندما يفتح عينيه نلاحظ النيران السوداء المشتعلة فى عينه اليسرى، يتوقف المطر فى نفس لحظة نهوض، وتظهر عصا فى يده من العدم .
بعد أن تقدم (ايزن) بعض الخطوات يشعر بحرارة من حوله لا تعطى فرصه لأمطار لتسقط على الأرض ،حيث تبخرها فى الجو ،يستدير ببطء حتى يشاهد نيران سوداء تحاوط جسد الفتى الذى اعتقد انه قتله مما جعل الخوف يسرى فى جسده، حتى يشله عن الحركة .
يختفى الفتى من امامه ليظهر خلفه ، يشعر (ايزن) بحرارة مرتفع و عرقه الذى بدأ يتصبب على جسده ،يستدير له ، لينظر فى رعب إلى النيران السوداء التى بداخل عين الشيطان الذى امامه.
يتساءل بصوت مرتفع: من تكون ايها الملعون؟ ، أ انت من نسل الحاكم؟
تحركه غريزة البقاء ،فيحاول يهرب مما يشاهد امامه، كأنه رأى أحد الشياطين القدامى الذى سمع عنهم من جده.
نسمع صوت حاد يحمل بداخله الخوف والغضب والسعادة يقلع الحوانيت وأعمدة الإنارة الخافتة من أماكنها قائلا: لقد فات الاوان.
التعليقات