ورطة يعرفها محبي القراءة جيدا ،ألا وهى الوقوع في براثن كتاب سيء ، في العشرين صفحة الأولي ، نعتقد أن العيب فينا ، وأننا لازلنا لم نتمكن من الوصول إلى ما يحاول الكاتب قوله لنا ، فنقرر ان نستكمل الرحلة ، محملين بالنوايا الطيبة ، مدججين بمزيد من الانتباه والتركيز مع كل كلمة في الكتاب، ربما بحماسة أقل بقدر ما ولكن بالتأكيد بانتباه أكبر ، لنكتشف أننا وصلنا إلى الصفحة الخمسون ، محملين بمزيد من التساؤلات حول ، صدق ذلك الشعور الذى وصل إلينا في العشرين صفحة الأولى ، لتبدأ أولى بذور الرغبة في ترك الكتاب جانبا تنمو بداخلنا ، هنا قد يختار بعضاَ منا أن ينحي الكتاب جانباَ ، وأن يعود إليه في وقت آخر ، فربما ،ربما يكون مزاجك القرائي في تلك اللحظة لا يتناسب مع ما يحمله الكتاب من جرعات أدبية أو ثقافية أو علمية ، ومنا من يختار أن يستكمل طريق رحلته في الكتاب ، وفى الأغلب عند الوصول إلى الصفحة المائة ستكون قد أدركت تماماَ أنك قد وقعت في فخ قراءة " كتاب سيء " ، هنا في تلك اللحظة تماماَ يبدأ ذلك الصوت بالعلو داخل عقلك ، أتركه .. أتركه فوراَ.

يقول الكاتب " عباس محمود العقاد " ليس هناك كتاباَ أقرأه ولا أستفيد منه شيئاَ جديدا ، فحتى الكتاب التافه أستفيد من قراءته ، أني تعلمت شيئاَ جديدا هو " ما هي التفاهة؟" وكيف يكتب الكتاب التافهون ؟ و فيم يفكرون.

فى لحظة إدراك القارئ الفخ الذى وقع فيه سيكون عليه الإختيار بين أمرين لا ثالث لهما ، إما أن يستجيب للصوت داخل عقله ، ويكتفى عن إضاعة الوقت في كتاب يشعر أنه لا يستحق ، وإما أن يستمع لنصيحة " عباس محمود العقاد ، و يستكمل رحلته مع الكتاب ، الذي ربما ، يتغير موقفه منه بعد القراءة ، فربما كان الكتاب يحتاج إلى مزيد من الوقت ، وربما هو مثل بعض الشخصيات التي لن تعرفها جيداَ ، إلا بعد أن تطيل معها العشرة ، وتقضى بصحبتها المزيد من الوقت ، ولكن ماذا نفعل عندما يقع في أيدينا كتاب سيء ، هل نحافظ على وقتنا الثمين ونتركه على الفور ، أم أن الكتب مثل بعض البشر لن نتمكن من الحكم عليها إلا بقضاء كل ما يمكننا من الوقت معها .