سنأخذ مقرّر طبّ النسائية والتوليد في الفصل الدراسي القريب، وأنا لا أحبُّ أن أقرأ المادّة نفسها في العطلة، بل أحب أن أطّلع على تاريخ المادة وبعض الحقائق المثيرة عنها، لعلَّ هذا يُحمّسني لدراستها أثناء الأيّام المملة.

قرأت كتاب Medical Bondage والذي يتحدّث عن فترة ولادة الطبّ النسائي الذي نعرفه اليوم، والحقيقة أنّ ولادة هذا الطب كانت مأساوية!

الكثير الذي كان يُعرف عن النسائية والتوليد كان من الموروث الشائع قبل القرن 19، كان بمثابة طبّ "الدايات" عالم نسائي لا يعرف عنه الرجل شيئًا سوى ما يتناثر من أفواه العجائز.

في أمريكا في تلك الفترة، كانت تجارة العبيد رائجة، وما أكثر ما يُبقي هذه التجارة تروج؟ أن تلد العبدة عبدًا، فيستمرون بالتناسل، فيربح منهم المُلّاك الأثرياء ببيع أطفالهم.

المالُ مالكم والعبدُ عبدكم فَهلْ عَذابُكَ عني اليومَ مَصْروفُ؟

المشكلة أنّ العبيد كانوا يعيشون في ظروف صحيّة سيئة، فكانت النساء منهن يعانين من الكثير من الأمراض، بما ضمنها الأمراض التناسلية.

ولأنَّ صحة العبيد مهمّة لصاحب المال، كان الأطباء يولون عناية بهذه الأمراض، بل يتعلّمون منها أيضًا! فأصبحوا يستخدمون بعض النساء السوداوات في تجارب عمليات معقّدة مثل ازالة المبايض واصلاح الناسور المهبلي. كانت هناك ثقافة رائجة في ذلك الوقت أنّ اللون الأسود يعني أنّ الشخص قوي ويتحمَّل الألم، ويمكن أن تخدم التجارب عليه صحّة العرق الأبيض النبيل!

يعدُّ الطبيب ماريون سيمس (1813-1884) والد الطبّ النسائي، لأنّه قدّم للمجتمع الطبّي علاجات فعّالة وناجعة لبعض الأمراض النسائية بشكل جراحي، لكن ما لا يعرفه الكثير من الناس، أن سيمس قد استخدم النساء السوداوات في تجاربه، بل وحتّى في مساعدته كممرضات للعناية برفيقاتهنَّ أثناء التجارب.

لا نعرف ماذا حصل لتلك السمراوات بعد تجارب سيمس، أو المعاناة الصحّية لهنّ، أو طريقة استخدامهنَّ للخبرات التي نتجت من التعاون كممرضات مع والد الطبّ النسائي، لكنّ الأكيد، إن كان المجتمع الطبّي قد قدّر الطبيب البارع سيمس، وأعطاه لقب الوالد، فأمّهات الطب النسائي السمراوات، لم يتلقيَّن نفس التقدير على أهميّتهن.