أهلا، كيف حالك ؟ ما رأيك يا صديقي أن آخذك في رحلة فريدة من نوعها. بالتأكيد جال بخاطرك الآن سؤال مهم، وهو عن ماذا أتحدث ! أليس كذلك. حسنا، لا تقلق. فقط سلم نفسك لي ولن تندم. مستعد ؟ جيد، أغمض عينيك واسمعني، حاول أن ترسم صورة في ذهنك لما سأقوله لك. فلنبدأ رحلتنا يا صديقي، هل ترى هذا الرجل الوقور؟ إنه جالينوس. أحد أبرز الأطباء الإغريق. نبغ في مجاله حتى وصل به الأمر إلى علاج العديد من الأباطرة الرومان. لكنه لم يكتف بهذا، فقد كان أيضا أحد أعظم الكتاب والفلاسفة في عصره. قد تظن أن هذا أمر عابر لا يستحق تسليط الضوء عليه، أليس كذلك؟ حسنا، دعك من هذا الآن. سننتقل معا إلى عصر آخر. نحن الآن يا صديقي في عصر الدولة العباسية، تحديدا في بلاد ما وراء النهر. هل ترى هذا الرجل الجالس هناك؟ إنه الطبيب والفيلسوف ابن سينا. كان من رواد علم الطب الحديث حتى سماه الغربيون بأمير الأطباء. أعلم أنك الآن تتساءل، لماذا ذكرت ابن سينا؟ وما علاقته بجالينوس؟! حسنا يا صديقي، أحب أن أخبرك أن ابن سينا كان نابغة في مجال الكتابة حتى أنه ألف 200 كتابا في مواضيع مختلفة. أظن أنك بدأت تلاحظ أمرا غريبا. أنا أعلم ما يجول بخاطرك. لا تقلق، ستفهم كل شيء بعد قليل. دعنا نعود إلى رحلتنا في التنقل عبر الأزمنة، نحن الآن في المملكة المتحدة، تحديدا في مطلع القرن العشرين. السيد الوقور الذي تراه أمامك الآن هو الطبيب آرثر كونان دويل، الأديب النابغة مخترع شخصية "شيرلوك هولمز". دعنا من هذا وهيا بنا ننطلق مرة أخرى. الآن سنحط الرحال في بدايات القرن الواحد والعشرين. هل رأيت الشخصين اللذين يجلسان هناك. أظنك تعرفت قليلا على ملامحهما. ركز قليلا، نعم بالضبط. إنهما النابغة نبيل فاروق وزميله العراب أحمد خالد توفيق. أظنك تعلم مسبقا أن هذين الاسمين يعدان من أيقونات الأدب المصري والعربي في العصر الحديث. وياللمصادفة، إنهما أيضا أطباء! دعنا ننتقل بضع سنوات إلى الأمام، ما تراه الآن يا صديقي هو حفل إطلاق رواية أوراق شمعون المصري لكاتبها أسامة عبد الرؤوف الشاذلي . . . . الطبيب ! أظن أنك لاحظت أن "الأطباء الأدباء" ظاهرة لا علاقة لها بزمان أو مكان معين. بل الأمر سائد في كل العصور والأزمان. فلماذا؟ أظن أنه ما من إجابة علمية قاطعة تحسم الجدل الدائر حول هذا الأمر. لكن يمكننا القول إن دراسة الطب هي خير تهيئة وإعداد لحياة الأديب، حيث إنَّ الطبيب يقترب في كل يوم أكثر وأكثر من معاناة البشر، - على اعتبار أن مَن سمع عما يعانيه الناس، ليس كمن رأى معاناتهم بنفسه - مما يكسبه خبرة هائلة، ونظرة ثاقبة، وإدراكًا لحقائق الأمور. الشيء الذي يكسب كتاباته الأدبية منها والعلمية طابعا خاصا، مميزا، كنتاج للخبرة التي اكتسبها. والحقيقة يا صديقي أن هذه كانت خلاصة قول الطبيب والأديب البريطاني سومرست موم. قد تسألني يا صديقي، هل هذا يعني أنه بمقدور كل طبيب أن يكون أديبا؟ بالتأكيد ليس بالضرورة، فالموهبة والشغف عاملان أساسي لا يغني عنهما شيء مهما بلغت مكانة هذا الشيء . . . . انتهينا يا صديقي، ما رأيك في هذه الرحلة الخاطفة؟! أرجو أن تكون قد نالت إعجابك. ماذا؟ لا تقلق، لنا لقاء قريب إن شاء الله!
عظماء الأدباء أطباء . . . لماذا؟!
التعليق السابق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا سيدتي، سعيد أن المقال قد نال إعجابك. وكما قلتِ، فهناك على الأغلب ما يربط الطب بالأدب والفنون.
وهذا بالتأكيد لا يعني أن الأدب حكر على الطب. بل الأمر كما قلتِ أنت يا سيدتي، فلكل إنسان له ميل ورغبة.
أتمنى لكِ التوفيق في مجالَي الطب والأدب.
التعليقات