ذكرتني عبارة من كتاب " العقد الاجتماعي لجان جاك روسو " بقصةٍ حصلت معي في المـاضي ، يقول روسو : " المعرفة لا تُولّد الأخلاق، والأفراد المثقفون ليسوا بالضرورة أناساً صالحين " ، و هــذا بالضبط ما تعلمته في المرحلة الإعدادية ، في فترة حساسةٍ نوعاً ما . أتذكر جيداً أنني كنت حينها في بداية مراحل تكوين شخصيتي و تفحص ما حولي ، لم أكن مراهقةً مشاغبةً بل كنت هادئة جداً و كان الجميع يشهد لي بذلك و علاماتي الممتازة سمحت لي بأن أكون الأولى على صفي حينها ( مازلت كذلك بالطبع فهذه ليست قصة عن تهاوني أو فشلي لاحقاً ) .

أمي أستاذة لغة عربية في نفس المدرسة التي كنت أرتادها ، و قد كانت تدرِّس معظم الصفوف النهائية ماعدا صفي، من الغريب أن أقول هذا عن أمـي و لكن كانت تمتلك فكرةً سخيفةً عن أن التلاميذ المتفوقين هم دائــماً المتخلقون و الأكثر أدباً مقارنةً ببقية المراهقين ذوي الدرجات العادية ، و لكن أنا لم أصدق ذلك يوماً ، فقد راقبت و اختلطتُ بالكثير من أقراني لأعلم بأن هذا ليس صحيحاً إطلاقاً ، ... و القصة التي رسخت في ذهني هي تلك يوم أخبرتني أمـي أن تلميذةً ( متوسطة المستوى ) قد أحضرت والديها غاضبين قائلين أن ولداً ( كان وقتها منافسي في الدراسة و أكثر الطلاب الذكور ذكاءً ) يسيئ إلى ابنتهما و الكثير من زميلاته الفتيات !! ، بالطبع لم يصدق كثيرٌ من الأساتذة هذا و من بينهم والدتي ... و كانت حجتهم " يستحيل لطفلٍ بدرجاته المثالية أن يكون سيئاً !! " ، و بما أن الفتاة كانت متوسطة المستوى فبالطبع هي كاذبة ! ، كان كل هذا هراءً بالنسبة لي لأنني قد سبق و رأيت ذلك المراهـق بنفسي يسيئ إلى ليس الفتيات و حسب بل إلى عمال النظافة و طلاب المراحل الأولى كذلك ! .

أعتقد أنَّ هذه الفكرة قد ترسخت في ذهني من وقتها ، و تطورت لتشمل ليس فقط العلامات و لكن المناصب و الشهادات العليا ، فليس كل من يمتلك الثقافة أو العلم أو الشهادة شخصاً صالحاً يتمتع بأخلاق عالية كعلو مستواه الدراسي ! .

ما رأيـكـم فـي هـذا ؟ و هل سـبـق لـكـم و الـتقيتم بعـينة كهذه من الأشـخـاص ؟