كُلُّهُم إِلَى اللِّقَاء، إِلاَّ أَنتَ إِلى قَلْبِي
عرفته خفيف الروح،كتوم القلب، أقصى أمانيه ألا يفقد خفّته، خفّته في البقاء، خفّته في الشقاء، خفّته في الرحيل، لطالما كانت أكبر مخاوفه أن تكون ثقيلة، كان آخر من يغـادر، أهدأ من يغادر، أجمل من يغادر، كان قلبه ورقة شجرة يافعة، وكأن العالم خريفًا دائمًا..
منذ اللحظةِ الأولى في لقائكِ ، عرفتُ بأني تورطتُ وجداً ،وكم أُحب هذا، منذ أول ضحكة رأيتها على وجهك، همس لي قلبي نحن على وشك الحياة، وفي رواية اخرى على وشك الوقوع في النعيم، كانت النظرة لثواني،شعرت بعدها وكأن قلبي أزهر لمئة عام، كان اللقاء جميلاً كنومٍ طويل بعد يوم شاق، منذ أول حديث دار بيننا أدركت أنني لن أنجو منه أبداً، من النظرة الاولى سقط قلبي له حباً، لَم أُحبه بعاطفةِ سَبعينَ أُم، بَل أَحببته بعاطفةِ أُم وَاحدة كَانتْ عَقيمة لِسبعين عَام ثُم أَنجَبَت، أنا أشكر الزمن الذي صنع لحظة لقاء معك، وجهه كان جميلاً جداً،كان من الذين يمّرون في العمر مرة وأنا واحدة وقف عمرها على وجهه، أَحْبَبته، أَحْبَبتُه كَأُمنيَةٍ وَاحدَةٍ وأَخيِرةٍ، أَحببتُه للحَد الذِي لَا أَرَى أَمرًا يُناسِبنِي سِوَاه، أحببته للحد الذي لا حد، لماذا هو؟
إنه تُحفة ربانية، لُطف العالم أقسمَ باحتلالها على حينِ غفلةٍ منها، بريئٌ كأحضان الأطفال و لهفة الأُمهات، كالغُزلان لا تملَّ النظر إليه، إنَّ الذي يراه للمرة الأولى عليه أن يتوخىَّ الحذر منِ الوقوعِ فيه حُبًا، فثمة شيء في ملامحه يجعلك منبهرًا : حاشَ للبراءة هذهِ أن تكونَ بشرًا مثلنا، الطرقات مضاءة بشكل جيد ولكنني لا زلت لا أرى سواه، أعتقد أنه حينما خلق الله الحب ، لم يتسع له قلب الإنسان ، كان الحبُّ أكبر من أن يتحمله قلب هذا المخلوق الطيني المغرور ، لم يكن بمقدوره تحمل كلَّ هذا الجمال الخالص ، لذلك فقد شطر الله الحبَّ إلى نصفين ، ووضعه في قلبين، وهكذا يعيش الإنسان تعيساً ، حتى يجد نصفه الثاني، وأنا لم أجده سوى فيه..
يا ترى كيف حالُ قلبه الآن ؟!
أما زال يذكرني حتى في أحلامه ، أما زال يستيقظ ويهرول قاصداً دفتر أمنياتِنا ويكتُب تفاصيل لقائنا في الحلم،
كيف حالُ عينيه ؟! أما زال يحفها الليل من قلةِ النوم ، الليل الذي طالما تمنيت أن في بحره أغرَق !وماذا عن تلك القهوة التي تُشبه حبات البُن في عينيه ، أما زال يجيد صنعها بنفس ذات الطريقة التي أخبرتُه بها؟..
مازلتُ اقرأ وردنا اليومي ، وعند صدق الله العظيم أستعيذ به من نصيب يأتي على غيرِ هوانا، وإلى ذلك الوقت،
أدعوه أن يدثرني بالدعاء ، والكثير من الحُب ،و الأحلام البيضاء،
قد استحضرتُ طيفه اليوم وأنا أُصلّي ، رددتُ سراً ياالله طالما روحه معي فأكتب لنا أجر صلاةِ الجماعة..
إلى نصفي السّعيد الذي يسكُنُ في البعيدِ البعيد، ذاكَ الذي غابت شمسه عني بعدما كنّا لبعضنا كلّ شيء،
آملُ أن تكونَ بخير,وأن تكونَ قد مضيتَ قدماً تجاه ما كنتَ تتمنّاه, ومازلتَ تثابرُ لتحقيقِ أُمنياتكَ، أن تكونَ قد عُدتَ لذاتكَ الّذي تُحبّ، أشعرُ بأنني أحتاجُ لكمٍّ هائلٍ من الكلمات والمفردات،
أتمنّى ألّا تنسى أن هناك من يريدكَ أن تكونَ ناجحاً قويّاً
لا تحتاج لأحد، هناكَ من يريدُ أن يراكَ بسلامٍ تام، أنّ هناكَ من يدعو ويصلّي لأجلك دائماً ,ويحبّك , يحبّكَ جدّاً،وأنّهُ دونكَ يقابلُ الدّنيا بنصفه الحزين فقط، كل ليلة في بعدك، أحتضن نفسي بِأصابعي العشرة الباردة ورُغم ذلك، لا أكف عن الإرتجّاف، هذا الليل هادِئٌ جداً بطريقة منسجمة ؛ هادئٌ للحد الذي يجعلك غير قادر على معرفة ما إذ كنتَ فعلاً سعيداً أم لا، لو كان لدي أمنية مُحققة ستكون بأن يبقى هذا الهدوء إلى الأبد من ما كتبت.
عند اللقاﺀ ﺍﻷﻭﻝ، ﻻ ﺗﺴﺘﻤﻊ ﻷﻱ ﺃﻏﻨﻴﺔ، ﻭﻻ ﺗﻀﻊ ﺃﻱ ﻋﻄﺮ، ﻭﺇﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﺤﺐ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍً، ﻭﻻ ﺗﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺒﺐ، هذا ما قاله نزار قباني فماذا بوسعي القول يا عزيزي؟
بعد كُل ما مَّر، بعد مئة يوماً شتائياً، في كُلِ يوم زارني طيُفك، بعدد كلمات الحنين بيننا، وما كان للأيامِ معنى، كُنت أردد اسمك حرفاً تلوالآخر، بهذه الطريقة الدقيقة حتى ملَّني القلم، ورحل عني شعوري في كتابة ما أهوى، والروح لا تُدرك أن النور في الحُلم رؤيا، كان اللون الأسود يُشبه ليلي الطويل، لم يفهم حُزني سواي، كنت أعانق أحُرفي بيداي، ولا زلت أفتقد يداي التي بُترت مع رحيله، كنت أحاول أن أشرح له أن المبتورين يحسون بألمًا في أيديهم التي ما عادوا يمتلكونها، وهكذا كان يشعر بوجودي حيث لم يكن لي وجود، كما الحُب في زمن الكوليرا، نجا من موته ولكن المشهد ما فارق عيناه وهو حيًا، أرض بلا شعوب، وقلب بلا شعور، وحرب بلا جنود، وكنت أنتَ السلام، لا لقاء يَجمعنا ولا حظ يُساندنا ، ومع كل ذلك أحبكَ جداً، " لا تحزن يا عزيزي، أنتَ الربيعُ، وأنتَ فصلُ الأمنيات، والحسنُ فيك يا بهاء الحسنِ فاق الأغنيات، فلاَ تَحْسَبنَّ اَلبُعد عَلى اَلقُلوْبِْ هَيِناً ؛إِنَّ اَلفُراَقْ لِبعضْ الأَقْرَبِينْ مَمَاْتْ، فبعضي لديّ وبعضي لديه، وبعضي مُشتاق لبعضي فهلّا أتيت ؟ عندما أقُابله سأجلب له تسعة وثلاثون وردة ، وأقول له : ها قد جمعت شملك مع أشباهك
الأربعين، تعتليني فكرة أننا سنلتقي يومًا، دائمًا ما أتخيل كيف سيكون شكل اللقاء، وعن أي المواضيع سنتحدث، وهل سأتمكن من أن أشرح لك كيف مرت الأيام من دونك أم أن عيناي ستتكفل بذلك، لنا لقا لو بعد حين، لذلك كلهم إلى اللقاء إلا أنت إلى قلبي.
التعليقات