السجن الذي نعيشه... وحكمة السلحفاة

لقد بحثت كثيرًا وتعمقت وحللت عدة أمور، ما هو الحل لشخص يقع في سجن مشكلة كبيرة سواء كانت مشكلة عائلية أو مشكلة في عمل ما أو في شيء يحيط به ولا يستطيع الخروج، وخاصة لمن هم في وسط هذا السجن؟ ماذا يفعل؟ لم أجد حلًّا أقرب من السلحفاة التي تمشي خطوتها بتدرج ولها من بطئها صبر، وتكون خطواتها مثل الأيام. تستفيد كما الأيام، بكل خطوة تستفيد، ولكل خطوة تجمع قدرًا من الكنوز وتنفق هذه الكنوز لمن يحتاجها. وأريدك أن تنظر للسلحفاة كما الأسطورة. فإن كنت أريد أن أعطيك حلولًا، تعلم باليوم الواحد واستمتع باليوم الواحد وأفد نفسك أولًا واعتزل داخل قوقعتك. في العزلة قوة عظيمة، كما قوقعة السلحفاة عندما تدخل داخل نفسها في قوقعة تحميها وتحصنها وتعطيها مأمنًا.

الغل والحقد ...

إن من أحد أسباب الغل الدفين والحقد هو أن من تحقد عليه أشعرك بالخوف، فكون لديك شخصية خائفة تخاف أنت أن تراها بعين بصيرتك فتشعرك أنك غير قادر. إن كنت تريد حلًّا، كن مؤمنًا بنفسك، مؤمنًا بذاتك، مؤمنًا بقدرتك، واجعل هذا الإيمان يكون مثل الحضن الآمن لهذه النسخة الخائفة. عندما ترى شخصًا خائفًا أو طفلًا أو طفلة خائفة، أليس تلقائيًا تقوم باحتضانها؟ وهكذا الإيمان هو مثل الحضن الدافئ لهذه النسخة الصغيرة الخائفة، وتلقائيًا ستشعر بالأمان.

المصير

أما عن المصير، فإن قلت لك إن عقلك لا يفرق أبدًا بين الخيال والحياة التي تعيشها، في النهاية الواقع صورة ثلاثية الأبعاد، والخيال أيضًا صورة. وحتى الذاكرة منها صورية. ما يكتنز من خبرات الماضي هو عيش اللحظة المؤلمة مرارًا وتكرارًا حتى تعاد في حاضرك. لو غيرت مصير الماضي الخاص بك وجعلت من هذا المصير مصير قوة أكثر، نجاح أكثر، وسعادة أكثر، ماذا تظن أنه سيحدث لك؟

مسامحة الذات

يوجد فرق شاسع بين مسامحة نفسك أو أن تطلب من نفسك أن تسامحك أنت، ويوجد فرق بين أن تطلب السماح من أشخاص خارجيين أو أن تسامح هؤلاء الأشخاص. وكلها تدور في فلك النفس هذه العملية. وإن الشرارة التي تقول لك "عالجني" هي عندما تشعر بالذنب أو اللوم. انظر لهذا اللوم بعين المسامحة من هذه الزوايا الأربعة : مسامحة نفسك أولاً، ثانيا طلب المسامحة من نفسك، ثالثاً طلب المسامحة من غيرك، رابعا أنت تسامح غيرك.

تأثير المنظورات (وكلٌ يفسر الأحداث بناءً على ما يخبئه قلبه)

المنظورات تختلف من شخص لآخر، فكل زاوية يرى من خلالها الإنسان ما يقبع في داخله، ومن ثم يترجم هذه الرؤية في أقواله. سأعطيك مثالاً:

شخص حدث له حدث جيد، فسأل بعض الأشخاص عن سبب حدوث هذا الشيء:

  • الشخص الأول قال: "هذا لأنك مسكين ومظلوم، وبسبب أنك عشت هذا الدور، أنت تستحق هذا الشيء الجيد."
  • الشخص الثاني قال: "بسبب أن مظهرك يدل على أنك شخص بريء جدًا، فحدث لك هذا."
  • أما الشخص الذي سأل ففهم أن هذا حدث بسبب توفيق من الله ورزق، فاستقبل هذا الشيء الجميل انه مستحق لكل شي جميل.

فكان لكل شخص منظور مختلف، وكل منهم تبنى منظورًا فريدًا أدى به إلى تفسير الحدث بشكل مختلف. الشخص الذي سأل استفاد من هذه المنظورات المختلفة ليعالج ما لم يره في حالته، فحاول الاستفادة من كل شيء، حتى من المنظورات السيئة, وكلٌ يفسر الأحداث بناءً على ما يخبئه قلبه.

في الختام أقولها لك: أنفق خيرًا تجد خيرًا، أنفق حبًا تجد حبًا، أنفق علمًا تجد علمًا، أنفق من قلبك، أنفق بما تجد أنه متاح انفاقه حتى لو كان شيئًا بسيطًا، أنفق لنفسك فكلها عائدًا إليك.

Khadija_ija