آخر ما تبدأ به بعد كل إخفاقاتك المتكررة :
هل حقا وقفت أو فكرت أن تستدرك لتسترجع شريط مسارك الزمني ... نحن نهرول في لهف أو شغف وربما طمعا مباحا لنحقق أكبر قدر من أحلامنا ...أكيد بعض الأحلام مجرد جنون وتمرد تدفق زائد لرغبة إمتلاك لحظة تفوق .
متنوري الفلسفة يقولون : أول إخفاقاتك محاولتك أن تستحوذ على الأشياء ... هذا الإستحواذ الذي يتحوّل إلى تجاوز الحدود الفاصلة بين الحق والطمع ... حتى الفلسفة العربية تقول : إذا ظننت أنك امتلكت كل شيئ تكون فقدت كل شيئ ...
حين طلب أحدهم الإمارة قيل له : إنك لا تستطيع ... هذه الإستطاعة هي قوة الشخصية الصارمة ... قوة إرادة الإلتزام بالعدل و إقامته دون عاطفة ..... هناك قصة طريفة لأحد العباد لُقِّب بـ " حمامة المسجد " ... لكنه حين امتلك فقد السيطرة على نوازعه أو فشل في إمتحان ضبط الشهوة ... حتى لجعل فرعون يصيح : أنا ربك الأعلى ، هل هو التبطر ؟ الذي يفقدك نفسك الطيبة ... نفسك المتسامحة !! ... هل لهذا الإحساس الطاغي بالعجز ما دفع همنغواي للإنتحار ؟ جزء من المنتحرين يعدمون أنفسهم لشعورهم بالتفاهة ، بالإحتقار ،بالعجز على التكيف ..... آخرون ينتحرون لعجزهم على التجدد ..... لكن تقبل الموت يختلف عند سقراط الذي جعل منه إنتقاما من الجهل بتوريطه في معركته الخاسرة ..... لقد انتصر سقراط وإرادة الحكمة على سلطة الظلم و جبروته .
المراجعة أسلوب استدراك و تدارك المغالطات التي يدفعنا عدم الإنصات لصوت التعقل أن نجعل منها ضعفا وإنكسارا ... المراجعات هي قوة الإنسان للإنصات لفطرته ... للعودة لصفاء النفس قبل أن تتلوث بطمع الإمتلاك المزيف .
قيل : من كان وجوده مرتبط بزائل زال بزواله ..... لما ظهر إبليس لأحد الصالحين من المؤمنين و ملأ السماء قال : أنا الله ... ضحك المؤمن وقال : إذهب أيها الشيطان ...قال الشيطان : كيف عرفتني ؟ قال المؤمن : كيف بالله أن يظهر لإنسان حقير مثلي ... تواضعه أنقذه ... وقال المسيح للشيطان : الله لا يجرب .
هل هي التوبة مثلا ؟ إعلان الندم والإقلاع بعد معرفة فساد سلوكاتك . لو أدركت أنك على خطأ هل تسترجع و تعلن العدول إلى الصواب ؟ ماذا أنت لا تعرف ؟ الأمر بسيط إسألوا أهل المعرفة والذكر ؟ ..... هذا ان وجدت لك القصدية في إصلاح نفسك وترويض نفسك الأمارة بالسوء و لتتعرف على طرائق السيطرة عليها و تهذيبها ... هل لك تلك النية ؟
قال : ليطمئن قلبي ..... المكافئة والجائزة : الطمأنينة و خلاص المصالحة ..... قال : المسلم من سلم الناس من لسانه ..... أنظر للمنهاج الإنساني في التربية والإنتصار للحق بدفع الضرر و الحكمة بعذ ذلك ..
ضرب إبن عمرو بن العاص أحد بسطاء الأقباط ... حاكمه عمر علانية وقال : إضرب ابن الأكرمين ... الحكمة ليست هنا ... الحكمة في ما سنّه عمر كمرسوم يدين الطبقية و الظلم رافعا لواء تكريم الإنسان فوق السلطة والمال ... لأنه إنسان مكرم قال : متى إستعبد تم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا .
المراجعات الكبرى في المذاكرات و المذهبيات هي ايضا من الإنصات لفطرة الإنسان الذي استغول بالكبر والطمع . الحقيقة الإنسان يفقد ذاته و طبيعته الإنسانية في شراسة التمثل بطباع المفترسين من الحيوانات .تغلب عليه فتنة الإعتزاز بالإثم و المكر .