لعلك بدأت يومك بتصفح برجك العتيد استبشارا بإنطلاقة رائعة، فعلم الأبراج يحرس يومك وأملك، أو ربما قد تفكر في كيف تجذب سيارة أحلامك أو المنزل التي تشرئب إليه طول حياتك، منذ أن قرأت كتاب السر، لقد أصبح الجذب همك ومنهجك في الحياة، إذا لم تكن كذلك فأكاد أجزم أنك حاولت مرارا أن تبحث عن الكارما والسادنابدا، لأنك قرأت عن راهب بوذي وصل إلى الاستنارة، وتكشفت له الشاكرات العظمى التي اوصلته إليها علوم اليوغا والشامانية، لكن هل كل هذه الأفكار التي أطلقنا عليها مسمى علم هي علوم حقا؟ هل هي حقيقية فعلا أم أنها مجرد هراء؟ 

العلوم نوعان علوم زائفة أو ما يسميه فلاسفة العلم بأشباه العلوم وعلوم حقيقية، فأما الأولى فهي علوم مؤسسة على التصديق والإيمان، في حين أن الثانية تتأسس على البرهان والنقد، وكما نعلم جميعا كل علم يتأسس على فرضيات ونظريات يجب إثباتها أو نفيها للوصول إلى الحقيقة التي نصبو إليها، وبما أن أشباه العلوم لا تتأسس على فرضيات ونظريات قابلة للتحقق verification فإنها لا يمكن أن تحمل أي حقيقة قابلة للبناء، لذلك كل ما يخل في مجال الغيبيات والميتافيزيقا والماورائيات هي ليست علوما.

لكن ماذا عن العلوم القابلة للتحقق، كيف نفاضل بيها؟ وكيف نعرف ما إذا كانت نظرية علمية ما بالفعل صحيحة ويجب اعتمادها وأخرى لا؟ 

يقول كارل بوبر بأن الحل في إخضاعها لمبدأ القابلية للتكذيبFalsefiability،نحن نظن بأن النظرية الصحيحة هي التي لا نستطيع نقدها أو إثبات خطأها، لكن الحقيقة عكس ذلك، النظرية القوية هي التي تحتمل التكذيب ولا تهرب منه، وكلما كذبتها أكثر واستطاعت الصمود أمام النقد أصبحت اقوى وأصح، فإذا استمررنا في البحث عن تصديقات، فمن السهل أن نجد ما يثبت صدق جميع النظريات حتى الضعيفة منها، لكن إذا بحثنا عن ثغرات وكذبناها سنجد أن معظم النظريات ستفشل وتنهار، لذلك النظرية التي يتعذر تصور أي حدث محتمل يدحضها، هي نظرية غير علمية حتى لو ادعت عكس ذلك، لأن خضدها سيؤدي إلى اخبارها من جديد ومعرفة مدى صلابتها، في حين أن الأخرى لا تحيل إلى أي اختبارات أصلا، لذلك نجد اليوم نظرية التطور رغم النقد اللاذع والدحض المستمر لها، لكنها مزالت صامدة، ولم تستطع أي نظرية أخرى أن تعوضها لليوم، فهل تعتقد أن نظرية كهذه سوف تسقط يوما ما؟ وماهي النظرية التي سوف تحل محلها؟ هل أنت مع التطور أم الخلق الذكي؟