لم اجد عنواناً جيداً لذا اجل، هذا هو العنوان الذي سأستخدمه.
غالباً عندما تجد شخصين يتحدثان في الشارع والنظرة الكئيبة على وجههما لن تقترب لتسمع احدهما يشتكي والاخر يسمع او يواسي، وانما ستجد فقط اثنان يلعبان لعبة "لا انت اغلق السماعة - لا انتي اغلقي السماعة" ولكن بسنختها الكئيبة
التنافس على الكئابة اصبح لا يطاق في الفترة الاخيرة، وبالفترة الاخيرة اعني السنوات الخمسة الاخيرة، السنوات التي ظهرت فيها كل مشاكل الدنيا على رؤوس الشعب العربي
لم انم البارحة جيداً، انا لم انم منذ شهر... فقدت منزلك؟ لقد فقدت والدي... وهلمّ جر من الامثلة والمباريات الاخرى التي ما تلبث ان تنتهي "في العادة" باحد الشخصين يلقي طناً من الكآبة على الشخص المقابل، لينتصر هو ويرتاح نفسياً ويقع الاخر على ركبه مهزوما في لعبة الكآبة
اعترف انني وربما لقبل سنتين كنت احد هؤلاء، بل كنت اقواهم صراحة، بامكاني ان اجد لك شيئا للتذمر عنه حتى لو كنت اسبح في حوض من الذهب... الذهب يسبب لي القرحة، لا اعرف السباحة، حياتي مؤلمة حقاً
في الفترة الاخيرة "اعني قبل سنتين طبعا" لاحظت ان الامر اصلا ليس منافسة، والشخص الذي حوله لمنافسة اما كان مازوخيا متلذذا بالالم، او شخص فاقد لعقله
الهدف "الكاذب" الذي يدفع شخصا ما لينافسك في الكآبة هو المثل الغبي "من رآى مصائب الناس هانت عليه مصيبته" فيعتقد انه بمشاركة مصائبة "الاكبر" من مصيبتك... ستهون عليك تلقائيا مصيبتك
المشكلة ليست ان المثل بحد ذاته ليس منطقياً، بل واجرئ القول انه ليس بشرياً... كيف لأحد ان يسعد في حياته فقط لانه هناك شخص ما يعيش في الشارع دون منزل، الا يجب عليك "منطقياً" ان تحزن اكثر لكونه مشرد، لا ان تسعد لكونك لست في مكانه؟
المشكلة تحديداً ان الموضوع تحول من طريقة للمساعدة -> الى طريقة لتكسير العظام -> طريقة للتفاخر -> وفي النهاية، داعٍ رئيسي للكذب والتهويل والمبالغة
عندما يبدأ احدهم في الحديث عن مشاقه الحياتية الان، اجلس واستمع مثل البشري الجيد، ولا تبدأ في تهويل مشاكلك امامه مثل المعتوه السايكوباثي ليشعر ان مصائبه "هينة"... في هذه الحالة تحديدا لا يمكنك ان تفل الحديد بالحديد
ادرك تماما ان الاسلوب هذا فاشل في المساعدة، عليك ان تؤمن تماما انه فاشل كي تستطيع التخلص منه تدريجيا في احاديثك، وعندها فقط يمكنك ان تتخلص من عقدة المازوخية التي تركبك
الامر مرفوض من كل الوجهات*
*من وجهة النظر الدينية يأمرنا الله بالحمد والشكر على كل حال، ويأمرنا بالتحدث عن النعم امام الناس لا بفخر وانما باعتراف للفضل
من وجهة النظر الانسانية الامر مرفوض تماماً، المعاناة ليست مقياسا لأي شيء، ان كانت مقياسا لشيء ما فهي مقياس بالبؤس، هنيئا لك الفوز في الميدالية الذهبية بالبؤس
من وجهة النظر المنطقية، انت تزيد على همومه هموماً، ولا تساعده باي مستوى كان، وانما تكبت ما في داخله بشكل اكبر، اي انك تؤذيه ولا تساعده، لذا توقف
على الرغم من كون الامر مؤلما الا انه حقيقي، المرض موجود، وعليه ان ينتهي، احلم بحياة يمكنني ان اقول فيها لصديقي انني اشعر بضيق نفسي ليقول لي انه هنا لمساعدتي لا ليفرغ في جسدي 3000 فولط من الكآبة، فلدي ما يكفيني
التعليقات