في تجارب كثيرة مررنا بها، أو شاهدناها عن قرب، نكتشف أن الحسد لا يولد من الفقر ولا من الحرمان وحده، بل أحيانا من المقارنة المستمرة.
رأيت أشخاصا يملكون الكثير، ومع ذلك لا يرون إلا ما ينقصهم عند غيرهم.
كأن النعمة لا تكتمل في أعينهم إلا إذا قورنت بنعمة أخرى.
في العمل، قد ينجح أحدنا بعد سنوات من الجهد، فيقابل نجاحه بنظرات صامتة، لا تحمل فرحا ولا تهنئة، بل دهشة مشوبة بالضيق.
وفي العلاقات، قد يفرح شخص بزواج، أو استقرار، أو خطوة بسيطة أسعدته، فيجد من يقلل منها، لا لأن الإنجاز صغير، بل لأن المقارنة حضرت دون وعي.
من التجارب المؤلمة أن تكتشف أن بعض الناس لا يتألمون لغياب الخير عنهم، بقدر ما يتألمون لوجوده عند غيرهم.
لا لأنهم محرومون، بل لأنهم اعتادوا النظر خارج أيديهم أكثر مما ينظرون داخلها.
الحسد في صورته الخفية ليس صراخا ولا عداء مباشرا، بل نظرة، أو تعليق عابر، أو صمت في موضع كان يفترض فيه الفرح.
وهو في جوهره تعبير عن فراغ داخلي، لا عن نقص حقيقي في الحياة.
ربما المشكلة ليست في قلة ما نملك، بل في الطريقة التي ننظر بها إلى ما عند الآخرين، وفي قدرتنا على رؤية النعمة قبل البحث عن الجزء الناقص.
وهنا تبدأ مساحة واسعة للتأمل والمشاركة حول نظرتنا لأنفسنا، ولغيرنا، وللمعنى الحقيقي للرضا.
التعليقات